إذن ، فالبحث ينحصر في انّ هذا المورد قابل لجعل الحكم الشرعي ، أم أنّه يوجد مانع عقلي ومحذور ثبوتي في جعل الحكم الشرعي؟.
فإن كان هناك مانع ومحذور ، فقاعدة الملازمة لا تجري ، وحينئذ لا يتمّ هذا المسلك ، وإن تبيّن أنّه لا محذور ، فحينئذ تجري هذه القاعدة ويتم هذا المسلك.
وهنا يمكن أن يقرب وجود المحذور الثبوتي بعدّة وجوه.
١ ـ الوجه الأول : وهو ما سجله السيّد الخوئي «قده» (١) في دراساته.
وحاصله : هو انّ هذه الحرمة المفروض ثبوتها تبعا لحكم العقل بقبح التجري ، هل هي مخصوصة بخصوص الفعل المتجرّى به ، أي الفعل غير المصادف للواقع ، المقطوع الحرمة ، أو أنّها تشمل مطلق مقطوع الحرمة ، سواء صادف الواقع أم لا؟ ، وكلا الشقين باطل.
أمّا الشق الأول : فلأنّ هذه الحرمة إنّما ثبتت باعتبار قبح التجري ، والعقل يحكم بقبح التجري والعصيان معا ، ولا يفرق بينهما ، لأنّهما بملاك واحد ، إذن فلا موجب لاختصاص الحرمة الناشئة من هذا القبح بخصوص موارد التجري ، في حين أنّ القبح والحرمة على حدّ واحد.
وأمّا الشق الثاني : وهو أن تكون هذه الحرمة متعلقة بجامع مقطوع الحرمة ، فإنّ هذا مستحيل عقلا لاستلزامه التسلسل ، وذلك لأنّ هذا التحريم بنفسه هو خطاب سوف نقطع به ، وحينئذ يتولد منه خطاب آخر ، وهو حرمة مقطوع هذا الخطاب ، لأنّ الحرمة على طبيعي مقطوع الحرمة ، وهكذا تأتي منه حرمة أخرى تحرّم مقطوعها وهكذا يتسلسل.
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٣٨.