وهذا البرهان غير تام : لأنّا يمكن أن نختار الشق الأول والثاني بلا أيّ محذور.
فأولا : نسلم انّ هذا الخطاب الّذي نريد إثباته للمتجري ، موضوعه ، هو طبيعي مقطوع الحرمة ، أي أنّنا نختار الشق الثاني ولا يلزم التسلسل في التحريمات ، وذلك لأنّ كل تحريم فعليته تابعة لفعلية موضوعه ، وموضوع الحرمة في هذا الخطاب هو القطع بحرمة سابقة ، لأنّ موضوعه هو مقطوع الحرمة ، فإذا التفت إلى الحرمة الجديدة وإلى كبراها وصغراها ، إذن سوف يحصل القطع بها ، وبعد حصول القطع ، يصبح الموضوع فعليا.
وأمّا حصول حرمة ثانية إذا التفت لها وإلى كبراها وصغراها ، يحصل له قطع بها ، ثمّ تأتي حرمة أخرى ، وهكذا كلّما حصل له التفات إلى الحرمة الجديدة مع صغراها وكبراها يتولد عنده قطع جديد واستتبع هذا القطع الجديد حرمة جديدة. فهذا أمر غير معقول إذ لا يعقل أن يصدر من المكلّف التفاتات وقطوع غير متناهية ، بل انّ هذه عملية جولان عقلي ، إذ لا يمكن أن يصدر من المتناهي قطوع غير متناهية ، إذن ، فهذه عملية تنتهي ، لأنّ نشوء كل حرمة عن سابقتها يكون عن التفات من المكلّف إلى الصغرى والكبرى ، فترتب الحرمة الثانية على الأولى ، لالتفات المكلّف دخل فيه.
وكأنّ صاحب هذا الكلام يتوهم انّ كل حرمة تولد حرمة بلا التفات من المكلّف ، وهذا غير صحيح.
وثانيا : لو سلّمنا انّ هذا الشق الثاني يلزم منه محذور التسلسل ، حينئذ نقول باختيار الشق الأول ، أو على الأقل نختار أن يكون موضوع الحرمة كل ما هو مقطوع الحرمة من غير ناحية هذا الخطاب ، ففي هذا الخطاب الجديد المستكشف بقانون الملازمة يقول : أحرّم عليك كل