مقطوع الحرمة من غير ناحية هذا الخطاب ، وإنّما كان استثناء هذا الخطاب ، لئلا يقع محذور التسلسل ، مضافا إلى إشكالات أخرى.
٢ ـ الوجه الثاني : للبرهنة على استحالة ذلك ، هو للميرزا «قده» ، وهو أحسن من سابقه (١).
وحاصله هو : انّ هذا التحريم الّذي يثبت للتجري بقانون الملازمة المزبورة لا يخلو من أحد شقوق ثلاثة ، فإنّه إمّا أن يكون مجعولا بنفس خطاب «لا تشرب الخمر» ، وإمّا أن يكون مجعولا بخطاب آخر ، وحينئذ ـ أي على الثاني ـ يحتاج إلى موضوع ، وموضوعه حينئذ ، إمّا أن يكون هو خصوص مقطوع الحرمة غير المصادف ، وإمّا أن يكون جامع مقطوع الحرمة ، فهنا شقوق ثلاثة.
والشق الأول منها باطل ، لأنّ حرمة التجري في طول التجري ، والتجري في طول وصول حرمة شرب الخمر إلى المكلّف ، إذ لو لم يصل هذا الحكم إلى المكلّف لا يكون متجريا ، إذن فحرمة التجري متأخرة رتبة عن وصول حرمة شرب الخمر ولا يعقل أن يؤخذ المتأخر مع المتقدم في خطاب واحد ، فكيف يعقل أن تحصل في عرضها وبجعل واحد.
وأمّا الشق الثاني ، وهو أن يكون حرمة التجري مجعولة بخطاب مستقل وموضوعه مقطوع الحرمة غير المصادف ، فهذا غير معقول ، لأنّ مثل هذا الخطاب لا يعقل وصوله إلى المكلّف وتنجيزه في وقت واحد ، لأنّه إن لم يكن قاطعا بخمرية شيء ، إذن فلا موضوع ، وإن قطع ، فهو يرى أنّ قطعه مصيب للواقع ، فحينما يقول له مولاه : حرّمت عليك المقطوع الخطئي ، فسوف يقول : إنّ مقطوعي صحيح ، وحينئذ فلا يعقل
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ، ج ٢ ، ص ١٧.