فعليته وتنجيزه على المكلّف في آن واحد ، وكل خطاب يستحيل تنجزه يستحيل جعله.
وأمّا الشق الثالث : وهو أن يقال للمكلّف : إنّ مقطوع الخمرية حرام سواء كان مصيبا أم لا ، حينئذ ، هذا الخطاب يمكن وصوله إلى المكلّف ، لكن هذا الخطاب غير معقول أيضا ، وذلك ببيان أمرين.
١ ـ الأمر الأول : هو انّ هذا الخطاب ، النسبة بينه وبين خطاب «لا تشرب الخمر» من حيث الموضوع ، هي العموم من وجه ، لأنّ الخمر قد يكون مقطوعا وقد لا يكون ، ومقطوع الخمرية ، قد يكون خمرا وقد لا يكون ، لكن في نظر القاطع تكون النسبة هي العموم والخصوص المطلق ، لأنّه هو يرى انّ مقطوعاته دائما مصيبة ، فمقطوع الحرمة أخصّ مطلقا في نظره من الخمر الواقعي وحينئذ يلزم اجتماع المثلين بحسب نظره وهو محال ، وإن كانت النسبة العموم من وجه أو التباين ، فيعقل تعددهما بلحاظ موردي الافتراق.
٢ ـ الأمر الثاني : هو انّ جعل خطابين وجوبيين ، أو حرمتين وبينهما مادة اجتماع ، إن كان أحدهما مع الآخر بينهما عموم من وجه ، فيعقل جعل خطابين متماثلين في مادة الافتراق ، لأنّه في مادة الاجتماع يستحيل تعدد الخطاب ، لاستحالة وجود المثلين في مورد واحد ، فلا بدّ من الالتزام فيه بوحدة الخطاب حينئذ ، ويبقى لكل من الخطابين مجاله في مادة الافتراق ، فيكون تعدد الخطاب هنا معقول ، لكن إذا كانت النسبة هي العموم والخصوص المطلق ، فتعدد الخطاب غير معقول لما عرفت من اجتماع المثلين حينئذ ، إذن فلا بدّ من التأكد ، ومعه فأيّ شيء يبقى للأخص مطلقا ، إذ أنّه سوف يستهلك في الخطاب الأعم ، إذن يستحيل تعدد الخطاب ، وعلى هذا الأساس ، إذا ضممنا الأمرين إلى بعضهما ، فيلزم من خطاب «لا تشرب الخمر» ، مع خطاب «لا تشرب