المحذور بين من وصل إليه الخطابان معا ، ففي مثله يقال انّ النسبة هي العموم المطلق ، وهذا مستحيل ، إذن فالإشكال وارد في حق من وصل إليه الخطابان ، إذن فلا بدّ في مقام دفعه ، أن يبيّن انّ النسبة بين الخطابين ـ حتّى في حق من وصل إليه كلا الخطابين ـ هي العموم من وجه ، لا العموم المطلق.
والحاصل هو أنّه كان برهان الميرزا «قده» في الشق الثالث ، هو انّ خطاب حرمة التجري يكون خطابا مستقلا ، وموضوعه هو مطلق مقطوع الخمرية ، وكان إشكاله «قده» عليه هو لزوم الاستحالة في نظر القاطع ، للزوم اجتماع المثلين في مثله.
وقد أجبنا عليه ، بأنّ النسبة بين الخطابين حتّى في نظر القاطع هي ، العموم من وجه ، وعليه فلا محذور.
وهذا الجواب كنّا قد بنيناه على مبنى ومشرب الميرزا «قده» والمشهور والأصول الموضوعية عندهم القائلون : بأنّ الخطابين المتماثلين بنحو العموم المطلق غير معقول.
لكن نحن نقول : بأنّ فرض خطابين استقلاليين بينهما عموم مطلق أمر معقول ، لأنّه في مورد الاجتماع لا نلتزم بالتأكد ليلزم انصهار الأخص في الأعم رأسا ، بل نقول : بأنّ كلا منهما محفوظ بنفسه ولا تأكد ولا يلزم محذور اجتماع المثلين ، لأنّ هذا المحذور لا يردّ في الخطاب الّذي هو من الأمور الاعتبارية ، وإنّما نلتزم بالتأكد في ملاكات الحكم ، «في المصالح والمفاسد» ، لأنّها أعراض حقيقية ، فيستحيل وجود فردين متماثلين من الحب أو البغض على موضوع واحد ، بل حينما يكون هناك حبّان أو بغضان ، يكون أحدهما مؤكدا للآخر ، إذن ، فنلتزم بالتأكد في مبادئ الحكم.