متأكدة تبعا لاشتداد درجة مخالفة المولى في خطابيه له ، وعليه : فالمحركيّة محفوظة في المقام بعد فرض إمكان التأكد في حيثيّة على الجرأة على المولى ، فبضم الثاني للأول لا بدّ من تأكد حيثيّة الجرأة ، وقد يتفق أنّ إنسانا لا يحجم عن عصيان خطاب واحد ، ولكن يحجم عن عصيان خطابين يكون أحدهما مؤكدا للآخر.
وقد عرفت سابقا ، انّ المعنى الصحيح للتأكد عندنا في مقام اجتماع حكمين ، هو ما ذكرناه من التأكد في مقام المحركيّة ، لا اتحادهما في نفس الجعل والاعتبار ، بل هما باقيان على ما هما عليه من التعدّد جعلا وإنشاء.
وبما ذكرنا من الوجوه الثلاثة مع أجوبتها ، اتضح أنّه لم يتمّ برهان على عدم قابلية المورد لجعل الحرمة الشرعية على طبق حكم العقل بقبح التجري.
وعليه : فصيغة البرهان الّتي طرحت أولا لا تزال قائمة ، ـ وهي انّ كلّما حكم العقل بقبحه ، حكم الشرع بحرمته أيضا ـ إذا كان الموضع قابلا.
وقد عرفت انّ الموضع قابل لتطبيق القاعدة في المقام ، وإثبات حرمة الفعل المتجرّى به ، لأنّه لم يتمّ شيء من الوجوه الّتي استدل بها على عدم القابلية.
لكن مع هذا ، فبرهان الملازمة بين حكم العقل بالقبح ، وحكم الشرع بالحرمة غير تام ، وذلك للمناقشة في كبراه ، فإنّ قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع بالمعنى المذكور غير تام.
وسوف يأتي تحقيقها عند الكلام على النزاع الدائر بين الأصوليّين والأخباريّين في حجيّة الدليل العقلي.