لهذا التنجيز كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، فتنجز الواقع المشكوك في مورد الإمارة المثبتة للتكليف ، ليس على خلاف قانون عقلي ، بل على طبقه ، هذا بالنسبة للأمارات المثبتة للتكليف.
وأمّا الإمارات المرخصة والمؤمّنة ، فهي أيضا ليست على خلاف قانون عقلي ، لأنّ القانون العقلي هو قانون المولوية وحق الطاعة ، وهو يقتضي أن يكون للمولى حق الطاعة في كل ما نحتمله من التكاليف ما لم يقطع بإذنه ، بالإقدام ، أو الإحجام ، ومع القطع بإذنه نكون قد جرينا على طبق قانون المولوية والعبودية.
ومن الواضح أنّ الإمارة المرخّصة تكون إذنا قطعيا في الإقدام ، غايته ، أنّه إذن ظاهري قطعي ، لأنّ المفروض أنّ الشارع أمرنا باتباع الإمارة ، فإذا قامت الإمارة على الرخصة وقد قطعنا بأنّها مرخّصة ، فيكون جرينا حينئذ على طبقها ، جريا على طبق قانون العبودية ، ويكون المكلّف قاطعا بالإذن الظاهري كما مرّ ، فيكون معذورا في جريه على طبقها.
وعليه فلا شبهة من حيث المنافاة مع القانون العقلي ، حيث انّ هذا التنجيز والتعذير للإمارة كان إثباته بحكم العقل.
نعم يبقى الإشكال في كيفيّة تعقل صحة الإذن المذكور المعبّر عنه بالحكم الظاهري ، واجتماعه مع الحكم الواقعي ، بنحو لا يلزم منه التضاد أو محذور آخر.
وهذه هي الشبهة الأخرى الّتي أثارها «ابن قبّة» كما سيأتي بيانها وحلّها.
نعم ينفتح باب هذه الشبهة على مسلك المشهور القائلين بقاعدة قبح العقاب بلا بيان حيث يقال هناك : كيف يصحح العقاب على الواقع المشكوك لمجرد قيام الإمارة عليه ، مع أنّه يقبح العقاب بلا بيان؟