وقد يجاب على هذه الشبهة بجواب من خلال تقريبين مبنيّين على تصورات مدرسة المحقّق النائيني «قده».
١ ـ التقريب الأول : هو أن يقال (١) : انّ البيان الّذي أخذ عدمه موضوعا في قاعدة ، «قبح العقاب بلا بيان» ، صار موجودا بقيام الإمارة ، وذلك بتقريب أنّ دليل الحجيّة قد جعل الإمارة علما وبيانا بناء على مسلك الطريقية في باب جعل الحجيّة ، فكأنّ المولى قال : «خبر الثقة علم» ، وحينئذ يكون بيانا ، وحينئذ يرتفع موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وهذا المدّعى تارة يبين بلسان الحكومة ، بمعنى أنّ دليل الحجيّة ينزل الظن الخبري منزلة العلم ، فيكون حاكما على دليل «قبح العقاب بلا بيان» ، من قبيل حاكميّة قولهم عليهمالسلام «الطواف بالبيت صلاة» على دليل ، «لا صلاة إلّا بطهور».
وهذا التقريب غير معقول : لأنّ هذا التنزيل والحكومة إنّما يصحّ من الشارع فيما إذا كان الأثر المنزّل عليه شرعيا وتحت يد الشارع التصرف فيه توسعة وتضييقا ، كما هو الحال في قولهم عليهمالسلام : «لا صلاة إلّا بطهور» ، فإنّ هذه الشرطية شرعية وبيد الشارع ، فإنّه بيده الوضع ، فبيده الرفع ، وهذا لا يعقل في المقام.
وذلك لأنّ قبح العقاب بلا بيان ، وصحة العقاب مع البيان إنّما هو من أحكام العقل العملي ، وليست آثارا شرعية كي يصحّ الحكم عليها من قبل الشارع ، فإنّ الشارع إذا نزّل شيئا منزلة حكم العقل ، فإنّ هذا لا يوجب توسعة في حكم العقل ، لأنّ حكم العقل تابع لموضوعه الواقعي ، إذن ، فدليل الحجيّة بلسان الحكومة والتنزيل من قبل الشارع على
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٩.