الأحكام العقليّة غير معقول ، وإنّما تعقل الحاكمية التنزيليّة على الأحكام الشرعية الأخرى باعتبار أنّ توسعتها وتضييقها بيد الشارع دون الأحكام العقليّة.
إذن : فهذا التقريب لا يعالج مشكلة مناقضة جعل الإمارة مع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان.
٢ ـ التقريب الثاني : هو أن يبيّن مدّعى مدرسة المحقّق النائيني «قده» (١) بلسان الورود ، بدعوى أنّ موضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وصحته مع البيان ، إنّما هو البيان بالمعنى الأعم ، من العلم الوجداني والتعبّدي ، الظاهري ، أو الواقعي ، فالمولى باعتباره للإمارة علما ، يوجد فردا حقيقيّا في موضوع القاعدة ، فيكون هذا ورودا حينئذ.
وهذا التقريب ، وإن كان أحسن من سابقه ، ولكن على كلّ حال ، سواء قرّب هذا المطلب ، بالتقريب الأول ، أو الثاني ، فلا إشكال في أنّه لا يمسّ روح الإشكال ، بمعنى أنّه ليس هذا هو نكتة الجواب عن الشبهة ، إذ ليس النكتة في أنّ المجعول هو الطريقيّة والعلمية ، لأنّنا بحاجة لدفع هذه الشبهة في غير ما يكون المجعول فيه هو العلميّة والطريقيّة ، كما في الأصول العمليّة الشرعيّة غير التنزيليّة مثلا ، إذ لا إشكال في أنّ أصالة الاحتياط تنجز الواقع المشكوك ، ولم يقع خلاف بين علمائنا الأصوليّين ، والاخباريّين في أنّ وجوب الاحتياط لو ثبت في مورد من الشارع ، لكان منجزا ومقدّما على البراءة العقليّة أيضا ، وإنّما الخلاف في أنّه ما هي تلك النكتة الثبوتيّة في نفس جعل الحكم الظاهري المجعول لرفع التناقض ، حتّى لو لم يكن الجعل بلسان جعل الطريقية
__________________
(١) المصدر السابق.