أمّا إقامة الامارة مقام القطع الموضوعي ، فهذا غير محرز منهم ، ولا أقل من الشك بالنسبة إلى إقامة الامارة مقام القطع الموضوعي ، فيكون دليل الحجيّة قاصرا عن إثبات ما زاد على القدر المتيقن ، والقدر المتيقن إنّما هو إقامة الامارة مقام القطع الطريقي دون الموضوعي.
وإلى هنا ينتهي الكلام مع الميرزا «قده» ، ومن خلال ذلك اتضح حساب النقطة الأولى ، حيث كان الكلام في نقطتين ، وقد قلنا في الأولى : إنّ هناك خطأ في منهجية البحث ، حيث فرض أنّ التعامل وكأنّه مع دليل لفظي ، مع أنّه لا يوجد شيء من هذا القبيل ، بل الموجود هو السيرة فقط ، وهي دليل لبّي يؤخذ منه بما انعقد عليه يقينا ، ولا يتوهم فيه الإطلاق ، وقد عرفت أنّه عاجز عن إثبات ما زاد على إقامة الامارة مقام القطع الطريقي دون الموضوعي ، ثمّ يقع الكلام مع المعلق الثاني على النقطة الأولى.
٢ ـ النقطة الثانية : وفيها نبحث فيما ذكره صاحب الكفاية في حاشيته (١) على الرّسائل تعليقا على نفسه ، حيث حاول تصوير وفاء دليل الحجيّة لكلا التنزيلين ، بحيث تقوم الامارة مقام القطعين الطريقي والموضوعي من دون أن يلزم محذور اجتماع اللحاظين ، وذلك بأن يقال : إنّ دليل الحجيّة بمدلوله المطابقي ناظر إلى تنزيل الظن منزلة القطع الطريقي الّذي هو معنى الحجيّة ، وتنزيل الظن منزلة القطع الطريقي معناه ـ بحسب إشكال الكفاية ـ تنزيل المظنون منزلة المقطوع ، فالمدلول المطابقي لدليل الحجيّة هو ، تنزيل الظن باللحاظ الآلي منزلة القطع بهذا اللحاظ أيضا ، وبهذا ينتج دليل الحجيّة ـ ببركة هذا الدليل ـ واقعا جعليا ، فإنّه بعد تنزيل مظنون الخمرية منزلة مقطوع الخمرية ، يصير
__________________
(١) درر الفوائد : الخراساني ، ص ٨ ـ ٩.