عندنا خمر جعلي تنزيلي ، وحينئذ يدّعى انّ دليل الحجيّة يدلّ بالدلالة الالتزامية على تنزيل آخر ، وهو تنزيل القطع بهذا الواقع الجعلي ، منزلة القطع بالواقع الحقيقي ، وهذان التنزيلان لم يجتمعا في مفاد واحد ونظر واحد ليلزم محذور اجتماع اللحاظين ، بل أحدهما مفاد مطابقي للدليل ، والآخر مفاد التزامي له ، ومن مجموع التنزيلين يحصل المطلوب ، وهو قيام الامارة مقام القطعين الطريقي والموضوعي.
لكن لم يوضح لنا صاحب الكفاية «قده» أنّه ما هو ملاك هذه الدلالة الالتزامية ، ولما ذا يفترض أنّ دليل الحجيّة ـ الدال بالدلالة المطابقية على تنزيل المظنون منزلة الواقع ـ يكون له دلالة التزامية بالنحو المتقدّم ، فإنّه لا تلازم عقلي ولا منطقي بين هذين التنزيلين.
وهذا التلازم له وجهان.
١ ـ الوجه الأول : هو أن يدّعى بأنّ هناك دلالة التزامية عرفية ، فهو وإن كان لا يوجد ملازمة منطقية كي يصبح المظنون خمرا جعليا ، وبين أن يصبح القطع بالخمر الجعلي قطعا بالخمر الواقعي ، لكن هناك تلازم عرفي بينهما ، باعتبار أنّ العرف لعدم تمييزه بين النكات وعدم دقة نظره ، يرى أنّه ما دام أصبح مظنون الخمرية خمرا جعليا تنزيليا ، إذن يلزم أن يكون القطع به كالقطع بذاك ، وحينئذ تنشأ دلالة التزامية عرفية ، لا منطقية ولا عقلية.
٢ ـ الوجه الثاني : هو أن يقال : بأنّ هذه الملازمة تثبت بدلالة الاقتضاء ، وصونا للمفاد عن اللغوية ، وذلك بأن نفرض موردا يكون الحكم فيه مترتبا على جزءين ، أحدهما الخمرية الواقعية ، والآخر ، القطع بالخمرية ، كما لو قال المولى : «إذا كان هذا خمر في الواقع ، وقطعت بخمريته ، فيجب إراقته» ، بحيث كان موضوع الحكم مركبا من جزءين ، ونفرض أنّ الامارة قامت على الخمرية ، فهنا نفرض أنّ الخمرية