واحد بلا حاجة إلى ضمّ صيغة الدور ، هذا ، على أنّ في عبارته تشويش ، منشؤه ، أنّه لم يعلم منه «قده» ، انّ هذا الدور ، هل يريد أن يجريه بين الدلالتين بحسب مقام الإثبات ، أي بين الدلالة على تنزيل المظنون منزلة الواقع ، الّتي هي دلالة مطابقية ، وبين الدلالة الالتزامية ، على تنزيل القطع بالواقع الجعلي ، منزلة القطع بالواقع الحقيقي ، فهل الدور بين الدلالتين ، أو هو بين المدلولين؟
أمّا تقريب الدور بين الدلالتين فهو أنّ يقال : إنّ الدلالة المطابقية لدليل الحجيّة على تنزيل المؤدى والمظنون منزلة الواقع ، تتوقف على ضم تلك الدلالة الأخرى ، أي على تنزيل شيء منزلة الجزء الآخر من الموضوع ، إذ لو لم نضم الدلالة الثانية لكانت الأولى لغوا ، إذن الدلالة المطابقية على حفظ الجزء الأول من الموضوع بالتنزيل ، تتوقف على الدلالة الثانية الالتزامية ، والدلالة الالتزامية هذه ، تتوقف على الدلالة المطابقية ، لأنّ الدلالة الالتزامية في طول الدلالة المطابقية ومعلولة لها ، وهذا دور.
وهذا التقريب غير تام ، وشبيه بالمغالطة ، وذلك لأنّ هذا التقريب بنفسه يجري في التنزيلين العرضيّين أيضا ، كما لو فرض أنّنا حوّلنا الدلالة الالتزامية إلى دلالة مطابقية ، وفرضنا أنّ دليل الحجيّة له دلالتان مطابقيتان ، إحداهما على تنزيل المظنون منزلة الواقع ، والأخرى على تنزيل الظن منزلة القطع ، وأغمضنا النظر عن إشكال اللحاظ الآلي والاستقلالي ، فإنّه رغم هذا ، يأتي إشكال الدور ، لأنّ كلا من الدلالتين متوقفة على الأخرى ، لأنّ كلا منهما بدون الأخرى لغو ، لأنّ حفظ أحد الجزءين بدون الآخر لغو ، وينتج ذلك استحالة تنزيل شيئين منزلة جزأي الموضوع ولو في عرض واحد ، إذن فهذه مغالطة.
وحلّها هو ، إنّ كلا من الدلالتين لا تتوقف على فعليّة الدلالة