الكفاية على تنزيل الامارة منزلة القطع الموضوعي ، ومن تعليقنا على الكفاية والحاشية ، والمعلّق عليها ، وقد تبيّن ما عرفت.
نعم أشرنا في أول البحث إلى انّ هذا الكلام والإشكال في قيام الامارات مقام القطع الموضوعي ، إنّما يرد فيما إذا كان القطع مأخوذا في موضوع الدليل بما هو قطع كما هو ظاهر صاحب الكفاية «قده» (١) ، بحيث يحتاج إقامة الامارة مقامه إلى حاكمية دليل حجيّتها ونظره إليه.
وأمّا إذا استفدنا من أخذ القطع في الموضوع أنّه مأخوذ بما هو حجّة ، فحينئذ لا يأتي في المقام إشكالنا السابق ، وهو أنّ دليل الحجيّة ليس له نظران ، لأنّ دليل الحجيّة حينئذ يكون واردا على القطع الموضوعي لا حاكما ، وبذلك يتحقّق مصداق حقيقي لموضوع دليل القطع الموضوعي بالتعبّد ، وقد أوضحنا أنّ الدليل الوارد لا يحتاج إلى نظر نحو الدليل المورود ، لكن ذلك على تفصيل حاصله : أنّه يوجد هنا ثلاث صور :
الأولى : هو أن يفرض انّ المؤدّى ، أي المقطوع ليس له أثر شرعي أصلا ، وإنّما تمام الأثر مترتب على القطع.
الثانية : هي أن يفرض انّ الأثر يكون مترتبا على المجموع المركب من القطع والمقطوع.
الثالثة : هي أن يفرض انّ تمام الموضوع هو القطع.
فإن كان تمام الموضوع هو القطع ، ففي مثله لا يعقل قيام الامارة مقام القطع ، إذ لا يعقل حجيتها في نفسها ، لأنّ حجيتها فرع أن تكون قابلة للتنجيز والتعذير بلحاظ مؤدّاها ، والمفروض أنّها غير قابلة لذلك
__________________
(١) المصدر السابق.