من أن يتم تنزيل المؤدى منزلة الواقع ليترتب عليه الدلالة الالتزامية ، وفي محل الكلام ، فإنّ تنزيل المؤدى منزلة الواقع غير معقول ، لأنّ الواقع ليس له أثر ولو ضمنا ، إذن فلا يعقل تنزيل المؤدى منزلته ولو بلحاظ الأثر الضمني والتعليقي ، وإذا لم يكن بالإمكان تنزيله كذلك ، فلا يتم المدلول المطابقي ليتم المدلول الالتزامي ، وهو تنزيل القطع بالواقع الجعلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي ، إذن ففي أمثال ذلك ، لا يتم هذا البيان ، بل لو تمّ فإنّما يتم فيما فرضه صاحب الحاشية.
٣ ـ التعليق الثالث : وهو نظري ، حيث يقال : إنّ صاحب الحاشية ما دام أنّه كان يبحث بحثا نظريا ثبوتيا ، فلو قلب المطلب وافترض دليلا مفاده تنزيل الظن منزلة القطع ، أي إقامة الامارة مقام القطع الموضوعي ، ويستفيد منه بالملازمة العرفية قيام الامارة مقام القطع الطريقي ، ومقتضى هذا القيام حينئذ ، أنّها ترفع موضوع البراءة ، لأنّ أصالة البراءة حكم شرعي جعل موضوعه عدم العلم ، والعلم هنا نسبته إلى البراءة نسبة القطع الموضوعي ، وإن كان نسبته إلى التكليف الواقعي نسبة القطع الطريقي ، فإذا فرض انّ الامارة القائمة على حرمة التتن نزلت منزلة القطع بحرمة شرب التتن في رفع موضوع البراءة ، فيمكن القول : بأنّه نفهم من ذلك بالدلالة الالتزامية العرفية انّه حجّة ومنجز لأنّ العرف يفهم من كونه رافعا لموضوع البراءة ، أنّه منجز وحجّة ، وإن كان لا ملازمة عقلية ، إذ قد يرفع شيء موضوع البراءة ، ولكن لا ينجز ، بل تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان على رأي المشهور.
ويرد حينئذ على هذه الاستفادة بعض ما أوردنا سابقا على استفادة الحاشية نفسها ، وبذلك اتضح انّ الامارات لا تقوم مقام القطع الموضوعي ، لعدم إيفاء دليل حجيّة الامارة بقيامها مقام القطع الموضوعي.
وبهذا يكون قد تمّ هيكل البحث الّذي بني من إشكال صاحب