وأمّا الثاني : وهو دلالة الاقتضاء ، فالجواب عليه أوضح ، وذلك لأنّه تارة يكون أصل كلام الحكيم لغوا لو لا الالتزام بهذا اللازم كما لو ورد دليل الحجيّة في خصوص هذا المورد وقال : «نزلت مظنون الخمرية منزلة الواقع» مع أنّه لا أثر للواقع ، فهنا لا بأس بالقول انّ هذا الكلام لو لا اللازم لكان لغوا ، فيستكشف اللازم حينئذ ، وأمّا إذا فرض انّ هذا الاستكشاف كان بلحاظ إطلاق الكلام لا أصله ، لأنّ دليل الحجيّة لم يرد في خصوص هذا المورد ، بل في سائر الموارد ، وحيث لا أثر لهذا الكلام ، فيكون لغوا ، فيستكشف هذا الإطلاق ، لأنّ دليل الحجيّة قد أخذ في موضوعه الأثر العملي ، وحيث لا أثر عملي فلا إطلاق لدليل الحجيّة في نفسه ، إذن ، فأين الإطلاق لنحافظ عليه ونصونه عن اللغوية بإثبات اللازم ، لأنّ دليل الحجيّة ككل دليل أخذ في موضوعه ، وجود الأثر العملي ، ومع عدمه فلا إطلاق ، إذن فلا معنى للتمسك بدلالة الاقتضاء.
٢ ـ التعليق الثاني : على كلام الحاشية هو أن يقال : إنّ كلام الحاشية لا يتم لإفادة قيام الامارة مقام القطع الموضوعي فيما إذا كان القطع تمام الموضوع للحكم الشرعي ولم يكن المؤدى موضوعا لحكم شرعي ، فإنّه في مثل ذلك لا يكون المؤدّى منزلا منزلة الواقع لتكون الامارة منزلة منزلة القطع ، فلو فرض أنّه قال : «إذا قطعت بخمرية المائع حرم شربه ، ووجبت إراقته» بنحو يكون تمام الموضوع لحرمة الشرب ووجوب الإراقة هو ، القطع بالخمرية ، أمّا واقع الخمرية فلا يكون موضوعا لحكم ولا دخيلا في جزء الموضوع أيضا ففي مثل ذلك لا يتم كلام الحاشية ، لأنّه فيها أريد استكشاف التنزيل الثاني من التنزيل الأول ، إذ لا بدّ أولا من إثبات تنزيل المؤدّى منزلة الواقع ، ثمّ بالملازمة نستكشف بالدلالة الالتزامية أو بدلالة الاقتضاء انّ القطع بالواقع التنزيلي ، منزل منزلة القطع بالواقع الحقيقي ، إذن فلا بدّ قبل كل شيء