وإن شئت قلت : إنّ الشرط أمر واقعي سواء فحص أحد أو لم يفحص ، ونظر المجتهد وفحصه طريق إلى هذا الأمر الواقعي ، لا موضوعا للحجيّة ، وعلى هذا تكون الوظيفة الظّاهرية حكما وموضوعا أمرا واقعيا مشتركا بين المجتهد والعامي ، ويكون نظر المجتهد مجرد طريق إلى إحرازه موضوعا وحكما ، ويكون تقليد العامي له من باب الرّجوع إلى أهل الخبرة والعلم بهذا الحكم المشترك لا الحكم الواقعي بالخصوص.
وهذا لا إشكال فيه ، وبهذا التقريب ، يمكن الجواب عن دعوى اختصاص الأحكام الظّاهرية بخصوص المجتهدين ، بسبب أنّ الفحص قد أخذ في موضوعها.
ومن جملة أسباب دعوى اختصاص الأحكام الظّاهرية بخصوص المجتهدين هو ، انّ حجيّة هذه الأحكام مقيّدة بالوصول والعلم ، ومن المعلوم انّ الحجيّة هذه إنّما تصل إلى خصوص المجتهد العالم ، فلا تعمّ العامي كما في الأحكام الواقعية.
والوجه في هذا الاختصاص يقرّب بأحد تقريبين.
أ ـ التقريب الأول : هو دعوى استفادة كون الحجّة مقيّدة بالوصول ، من لسان دليل الحجيّة ، باعتبار انّ دليل الحجيّة يقول : «إذا جاءك خبر من الثقة فهو حجّة» مثلا ، وعنوان «جاءك» إنّما يصدق على من وصله الخبر ، لا الخبر بوجوده الواقعي.
وجوابه : إنّ عنوان «الوصول» أخذ طريقا إلى واقع تحقق الخبر في ألسنة الأدلة بحسب مناسبات الحكم والموضوع العرفية ، ولهذا لم يؤخذ هذا العنوان في ألسنة بعض أدلة الأحكام الظّاهرية ، وعليه فلا تكون الحجّة مختصّة بالمجتهد ، بل تشمل العامي لو أخبره الخبير بالوصول.