ب ـ التقريب الثاني : هو دعوى كون التقييد بالوصول مستفادا من حكم العقل
، باعتبار انّ العقل يحكم بأنّ الأحكام الظّاهرية مجعولة للتنجيز والتعذير ، ولا تنجيز ولا تعذير مع عدم الوصول ، وحينئذ فتختصّ الحجيّة بمن وصل إليه الخبر ، وهو المجتهد دون غيره.
وجوابه : هو انّ ما ذكر لا يقتضي أخذ الوصول الوجداني في موضوع الحجّة ، بل يقتضي أخذ مطلق الوصول ولو التعبّدي الثابت في المقام بفتوى المجتهد ، وعليه فالوصول متحقق بالنسبة للعامي ، فلا يكون جعلها بالنسبة إليه لغوا ، ومعه لا وجه لاختصاص الأحكام المقيّدة بالوصول بخصوص المجتهد.
ومن جملة أسباب دعوى اختصاص الأحكام الظّاهرية بخصوص المجتهد ، هو انّ الاستصحاب الّذي هو من الأحكام الظّاهرية ، فتقوم بركنين.
أحدهما : أخذ اليقين بالحدوث موضوعا في بعض الأحكام الظّاهرية.
والثاني : الشكّ في البقاء ، ولا يقين بالحدوث إلّا بالنسبة للمجتهد فإنّ يقينه في ذلك محقق لموضوع الوظيفة لا طريقا إلى إحرازه ، فيختصّ الاستصحاب به.
وجوابه : هو أنّه سيأتي في محله إن شاء الله تعالى ، انّ اليقين بالحدوث ليس من أركان الاستصحاب ، بل ركنه الأول هو نفس الحالة السابقة واقعا فيستصحبها ، ومعه يكون يقين المجتهد بثبوت الحالة السابقة ـ وهو الحكم المشترك ـ طريقا إلى إحراز موضوع الوظيفة الظّاهرية ، وبذلك تتم عنده حجيّة الاستصحاب لتوفّر موضوعه عنده ، فيفتي به العامي.