المضاد له ، إمّا أن يكون حكما حقيقيا ، أو طريقيا ، فإن كان حكما حقيقيا ـ بمعنى كون الحكم ناشئا من مبادئ وملاكات في متعلقه ـ إذن يلزم اجتماع الضدين واقعا في طرفي الإصابة ، لأنّ كلا من الحكمين حقيقي ، بمعنى كونه واجدا لمبادئ حقيقية في متعلقه ، وقد ثبت في محله ، انّ الأحكام الحقيقية متضادة بحسب عالم الملاكات.
وإن كان هذا الحكم المترتب في المقام حكما طريقيا ـ أي الحكم الّذي لم ينشأ من مبادئ في متعلقه ـ بل نشأ من أجل التحفظ على مبادئ موجودة في متعلقات أحكام أخرى ـ وبهذا سوف نجمع بين الأحكام الواقعية والطريقية ونرفع شبهة ابن قبّة ـ إذن فهذا لا يضاد الحكم الحقيقي ، لكن الحكم الطريقي هنا غير معقول ، لأنّه لا يعقل إلّا مع الشك في تلك الملاكات الّتي يراد حفظها بهذا الحكم الطريقي ، وأمّا مع القطع والعلم ، فلا يعقل جعله ، كما تقدّم بيانه سابقا.
وأمّا القسم الثالث : وهو أن يكون القطع بالحكم مأخوذا في موضوع حكم مماثل له ، كما لو قال : «إذا قطعت بحرمة الخمر حرمته عليك» لكن بحرمة أخرى ، وهذا بحسب الحقيقة عين ما بحثناه في التجري من جعل خطاب للحرمة على المتجري بعنوان مقطوع الحرمة بنحو يشمل المتجري والعاصي ، إذ هناك ذكرنا أنّه هل يعقل أن يجعل الحرمة على المتجري؟ لكن بعنوان أعم منه ومن العاصي ، غايته أنّ ذاك كان في خصوص الأحكام الإلزامية ، وهو هنا أعم.
وحينئذ ، نفس تلك البراهين المدعاة هناك على استحالة جعل حرمة على المتجري بعنوان مقطوع الحرمة ، تأتي هنا مع أجوبتها ولكن هنا نضيف مطلبا جديدا على ما تقدّم.
وحاصله : هو أنّه قد يبرهن على استحالة أخذ القطع بحكم في موضوع حكم مثله بما حاصله :