وإن كان الملحوظ هو عالم ملاكات الحكم الّتي هي من الصفات الحقيقية ، فالمتعين هو الالتزام بالشق الثاني ، وهو التأكد ، ولا محذور.
ودعوى أنّه لا يعقل التأكد في المقام ، لأنّ أحد الحكمين متأخر رتبة عن الآخر ، فكيف يعقل وجودهما بوجود واحد؟.
هذه الدعوى يكفي في جوابها أن يقال : إنّ التأخر والتقدم بين الحكمين من سنخ التأخر والتقدم بالطبع ، حيث أنّ الحكم الثاني أخذ في موضوعه القطع بالحكم الأول ، فكأنّه لا تصل النوبة إلى الثاني إلّا وقد فرغ عن الأول ، فهو تقدم بالطبع لا بالعليّة ، لوضوح أنّ الأول لم يجعل علّة للثاني ، وإنّما القطع به أخذ موضوعا للثاني ، فتقدّم الأول على الثاني إنّما هو بالطبع ، والمتقدم بالطبع مع المتأخر بالطبع قد يوجدان بوجود واحد كما في الجزء والكل ، فإنّ الجزء موجود بنفس وجود الكل ، إلّا أنّ الجنس متقدم على النوع بالطبع ، بمعنى أنّ كل ما فرض للنوع وجود فرض للجنس وجود دون العكس ، وهذا هو ميزان التقدم بالطبع.
نعم التقدم والتأخر بالعلية ينافي التوحد في الوجود ، لأنّ أحد الشيئين إذا كان علّة والآخر معلولا لا يوجدان بوجود واحد ، بل هو محال ، لأنّه يلزم أن يكون وجودا واحدا علّة لنفسه ، إذن ، أخذ القطع بالحكم في موضوع مثله معقول.
وأمّا القسم الأخير وهو أخذ القطع بالحكم في موضوع شخص ذلك الحكم ، فالكلام فيه في مقامين :
المقام الأول : هو في أخذ القطع بالحكم شرطا في موضوع شخص ذلك الحكم ، بحيث يناط ثبوت الحكم بالعلم به.
المقام الثاني : في أخذ العلم بالحكم مانعا في موضوع شخص ذلك الحكم ، بحيث يناط الحكم بعدم العلم به.