العلم بالحكم قيدا فتنطبق عليه ، لكن هذا يستحيل أن يكون مطلقا من ناحية الجهل ، لأنّ التقييد بالجهل مستحيل عند الميرزا «قده» ، فالإطلاق المقابل له مستحيل أيضا عنده «قده» كما عرفت من مبناه في قضية التقابل بين الإطلاق والتقييد ، حيث إذا استحال الإطلاق استحال التقييد ، إذن انطباق المهملة على المقيّد بالعلم مستحيل ، وهذا يبرهن على أنّ المهملة لا قوّة لها في مقام الانطباق أصلا.
وإذا تبرهن هذا ، يتبرهن بالتبع استحالة الإهمال ، وبهذا تمّ النقاش مع الميرزا «قده» ، وبه تمّ الكلام في المقام الأول ، وهو أخذ العلم بشخص الحكم شرطا في موضوع الحكم.
٢ ـ المقام الثاني : في أخذ العلم بالحكم مانعا في شخص ذلك الحكم وذلك ، بأن يؤخذ عدم العلم بالحكم في موضوع ذلك الحكم.
وهذا المطلب تصوره الشيخ الأنصاري «قده» في مقام توجيه كلمات المحدّثين الّذين ذهبوا إلى عدم حجيّة القطع الناشئ من الدليل العقلي ، فاعترض عليهم ، بأنّه كيف يعقل الردع عن القطع مع أنّ حجيته ذاتية ، حينئذ ، صار الشيخ «قده» في مقام توجيه كلمات المحدّثين بحيث لا يردّ عليهم إشكال عقلي ثبوتي ، فقال : بانّه يمكن أن نحول القطع من طريقي إلى موضوعي ، وحينئذ يدّعى انّ الأحكام الشرعية قد أخذ في موضوعها عدم القطع بها من غير طريق الأئمّة عليهمالسلام ، فلو حصل القطع بها من غير طريقهم عليهمالسلام ، حينئذ لا يتحقّق الحكم ، لا لأنّ القطع غير حجّة ، بل لانتفاء موضوع الحكم ، وبهذا وجّه كلمات المحدّثين (١) ، ومن هنا انفتح باب معقولية أخذ عدم العلم وعدم القطع بالحكم في موضوع شخص ذلك الحكم.
__________________
(١) الرّسائل : الأنصاري ، ص ١٠.