والصحيح أنّه بالنسبة للجعل لا إشكال في معقولية أخذ عدم القطع بالجعل في موضوع المجعول ، وذلك بأن يقال : «بأنّي جعلت وجوب الحج على من لم يقطع بهذا الجعل من ناحية الرمل ، أو الجفر مثلا ، أمّا من قطع به من هذه الناحية ، فلا يشمله هذا الجعل».
وهذا أمر معقول ، فأخذ القطع بالجعل معقول ، لكن كيف يؤخذ عدم القطع به؟.
وغاية ما يتوهم هنا هو ، انّ الجعل إذا قيّد بعدم القطع به فإنّه يلغو ، لأنّ الجعل إنّما يترقب له فائدة فيما لو فرض أنّه وصل إلى المكلّف ، فإذا قيّد الجعل بعدم الوصول يكون لغوا ، إذ لو وصل لما كان مجعولا فعليا ، ولو لم يصل فلا أثر له حتّى لو كان مجعوله فعليا ، إذن أي متى يترقب الأثر؟
أمن حالة وصول الجعل؟ من الواضح عدمه ، لأنّ المجعول غير فعلي.
أو من حالة عدم وصول فعلية المجعول؟ من الواضح أنّه لا أثر لها.
وهذا الكلام إنّما يتم فيما لو أخذ عدم مطلق الوصول قيدا في الجعل بتمام مراتبه ، فإنّه حينئذ يلزم هذا الإشكال ، وهو اللغوية وأنّه لا أثر له.
وأمّا إذا أخذ فيه عدم حصة من الوصول ، لا عدم مطلق الوصول ، حينئذ لا يلزم منه محذور اللغوية ، إذ يكفي في ترتيب الأثر الوصول الآخر الّذي لم يؤخذ عدمه في الموضوع.
وما ادّعاه الشيخ الأنصاري «قده» في مقام توجيه كلماتهم هو ، أن يؤخذ عدم حصة خاصة من الوصول ، في موضوع الحكم ، وهو عدم الوصول الناشئ من البراهين العقلية ، وهذا لا يردّ عليه الإشكال.