وأمّا أخذ عدم العلم في المجعول في موضوع المجعول ، فهل يعقل؟ أو أنّه مستحيل؟ كما أنّ أخذ العلم في المجعول في موضوع المجعول مستحيل؟
والصحيح انّ برهان الدور بصيغته السابقة لا يجري في المقام ، إذ قلنا سابقا أنّه إذا أخذ العلم بالمجعول في موضوع المجعول ، فيلزم توقف الحكم على موضوعه ، وتوقف الموضوع على حكمه ، فيتوقف كل منهما على الآخر.
وهذا الدور لا يأتي هنا ، لأنّه هنا إذا أخذ عدم العلم بالمجعول في موضوع المجعول ، ففعلية المجعول موقوفة على عدم العلم بالمجعول ، وعدم العلم بالشيء لا يتوقف على ذلك الشيء.
وبعبارة أخرى ، انّه إذا أخذ عدم العلم بالمجعول في موضوع المجعول ، ففعلية المجعول يتوقف على العلم بالمجعول ، ولكن عدم العلم بالمجعول لا يتوقف على المجعول ، إذن ، فلا دور.
والخلاصة هي أنّ فعلية المجعول يتوقف على عدم العلم به ، وعدم العلم به لا يتوهم أنّه يتوقف على المجعول ، وهذا هو الفرق بين طرف العلم ، وطرف عدمه.
ففي طرف العلم ، يتوهم أنّ العلم بالمجعول يتوقف على المجعول ، فإن توقف المجعول على العلم دار.
لكن في طرف عدم العلم ، لا يتوهم انّ عدم العلم بالمجعول يتوقف على المجعول ، ومعه لا دور حينئذ ، ومعه لا تجري المحاذير السابقة ، فإن كان هناك محذور فلا بدّ من استئناف بحث جديد ليتضح به غير ما تقدّم.
ومن هنا ، قد يقال : بوجود محذور في أخذ العلم بحكم مانعا عن شخص ذلك الحكم ، وذلك بأن يقال : أنّه إذا أخذ العلم المخصوص