كالعقلي مثلا ، مانعا عن فعلية الحكم ، فهذه المانعية لا يترتب عليها أثر في المقام ، وإنّما يترتب عليها أثر لو أمكن أن تصل إلى من وجد في حقّه المانع ، لكي يعرف المانعية ويترتب الأثر عليها ، مع انّ هذه المانعية لا يمكن أن تصل إلى الشخص الّذي يكون المانع محفوظا عنده ، لأنّها إن وصلت لمن لم يكن علمه عقليا ، إذن فالمانع غير موجود عنده ليكون لإيصال المانعية أثر بالنسبة إليه ، وأمّا من كان عالما علما عقليا بفعلية المجعول ، فهذا يستحيل تصديقه بهذه المانعية ، إذ بمجرد أن يصدق بها يخرج عن كونه عالما بفعلية الحكم ، إذن ، فاجتماع المانع مع وصول المانعية مستحيل ، وعليه : فمثل هذه المانعية لا يعقل جعلها ، لعدم الأثر لها.
وجواب هذه الشبهة أولا : انّ هذه المانعية مجعولة بنفس جعل الحكم لا بجعل مستقل ، والمناط في فائدة جعل الحكم هو أن يكون قابلا للوصول إلى المكلّف ، ومن الواضح أنّ التكليف بوجوب الحج على البالغ المستطيع غير العالم علما عقليا بهذا الوجوب ، هو تكليف قابل للوصول إلى المكلّف به ، وهو من كان عالما علما شرعيا ، وهذا تمام ما يراد من التكليف ، فإنّه يكفي في فائدته أن يكون قابلا للوصول لمن خوطب به ، ولا يعتبر قابليته للوصول لمن لم يخاطب به.
وثانيا : إنّ قولكم ، انّ من يوجد عنده المانع يستحيل أن تصل إليه المانعية ، فهذا غير تام.
وذلك لأنّه بحسب الدقة ، حينما يقيّد الحكم بعدم العلم العقلي بالمجعول ، حينئذ ، يستحيل أن يوجد المانع ، لا أنّه يوجد ولكن لا تصل المانعية ، لأنّ هذا المكلّف الّذي يعلم عقلا بشخص هذا الحكم والّذي هو حكم مقيّد بعدم هذا العلم ، كيف يعقل أن يتعلّق علمه العقلي بفعلية حكم مع أنّ فعليته مقيّدة بعدم هذا العلم العقلي بهذا الحكم نفسه