ينبغي» مستبطن في نفس مفهوم الظلم ، وكذا ، القبح ، فإنّ معناه : الإتيان بما لا ينبغي ، إذن ، صارت القضية تكرارين ، لأنّه حينئذ ، يكون معنى ، «الظلم قبيح» ، هو انّ الإتيان بما لا ينبغي لا ينبغي.
وهذه القضية ، إن كانت مفيدة ، فهي مفيدة في مقام التعبير والإشارة إلى تمام مدركات العقل العملي الثابتة في المرتبة السابقة على هذا التعبير ، وعليه : فهي في طول العقل العملي ، لا انّ قضايا العقل العملي في طولها ، وعليه : فهذا البيان للتخلص من هذا المحذور غير تام.
بل الّذي ينبغي أن يقال : هو أنّه لا اختلاف أصلا في قضايا الحسن والقبح عند الإنسان المتمدن في جميع مجتمعاته وأعرافه على اختلافها ، وإنّما الاختلاف في الأنظار إنّما هو في مقام التزاحم بين حيثيّات الحسن والقبح فيما إذا اجتمعتا في فعل واحد ، حيث أنّ من يقدم حيثيّة الحسن على حيثيّة القبح ، وهناك من فعل العكس.
وتوضيح ذلك هو ، انّ العقل العملي قسمان : الأول : هو عقل بديهي لا يختلف فيه النّاس ، والثاني : هو عقل نظري يختلف فيه النّاس ، والعقل الأول البديهي هو عبارة عن العقل الّذي يدرك الحيثيّات الاقتضائية للحسن والقبح في نفسها ، ـ بقطع النظر عن ابتلائها بمزاحم وعدمه ـ فإنّ كل إنسان سوي ، يمكنه إدراك هذه البديهيات والحيثيّات ، كما في إدراك حسن الصدق ، مع قطع النظر عن مزاحمة أي حيثيّة أخرى تقتضي قبحه ، كما لو تزاحم مع حفظ الأمانة لو توقف حفظها على الكذب ، فإنّه يحصل حينئذ تزاحم بين الحيثيّة الإيجابية للصدق ، والحيثيّة السلبية للخيانة ، لكن العرف من حيث هو ، بقطع النظر عن هذه المزاحمة ، لا يوجد فيه من يشكّك بحسن الصدق ، وحفظ الأمانة ، هذه هي بديهيات العقل العملي الأول ، ولكن هذه الحيثيّات المقتضية للحسن