وتحقيق الحال في هذه المسألة ، أنّه بعد الفراغ عن كون المورد من موارد التحالف ، يقع الكلام في مقامين.
١ ـ المقام الأوّل : هو في انّ التحالف هل يوجب انفساخ العقد واقعا أو لا؟ وعلى تقدير أنّه لا يوجبه ، فهل هناك نكتة أخرى تقتضي انفساخه الواقعي أم لا؟
٢ ـ المقام الثّاني : هو في جواب الأخباري ـ الّذي ينقض بهذا الفرع ـ ويكون جوابه على ضوء ما يتمّ في المقام الأوّل.
أمّا المقام الأوّل : وهو إيجاب التحالف للانفساخ الواقعي ، فقد يقرب استفادة الانفساخ من دليل اليمين بعدّة وجوه.
١ ـ الوجه الأوّل : هو أن يقال : إنّ مفاد دليل اليمين ، هو إنهاء الخصومة وسدّ بابها ، ومن الواضح إنّها الخصومة وسدّ بابها لا يتحقّق إلّا مع انفساخ العقد ، وافتراض كون العقد كأنّه لم يكن ، إذ مع بقائه على حاله ، يبقى دعوى كل من المتحالفين قائمة ، وهذا مناف لإنهاء الخصومة ، ومن هذا يعرف معنى الانفساخ ، وهو ممّا يستفاد من دليل اليمين.
وهذا الوجه غير تام : وذلك ، لأنّ إنهاء الخصومة شيء ، وإنهاء منشأ الخصومة شيء آخر ، وما يتكفله دليل اليمين هو الأوّل ، فإنّه لا شكّ في انّ دليل اليمين مفاده إنهاء نفس الخصومة ، بمعنى : أنّه لا هذا من حقّه أن يطالب ذاك ، ولا العكس ، بل قد أفتى الفقهاء في مورد اليمين ، بأنّ من حرم من ماله باليمين ، لو وجد ماله وأمكنه أخذه ولو بالسرقة ، لما جاز له ذلك ، وهذا إنهاء لفعلية الخصومة ، إذن ، ما يتكفله دليل اليمين هو إنهاء الخصومة ، أي الشق الأول ، بينما محل البحث هو الثاني ، أي منشأ الخصومة.