وفيه يقال : إنّ منشأ الخصومة الّذي هو العقد ، لا يستفاد من دليل اليمين حلّه إذ كون دليل اليمين يتكفل إنهاء الخصومة ، ولا يتكفل إنهاء منشئها لا ملازمة بينهما.
٢ ـ الوجه الثّاني : هو أن يقال : إنّ مفاد دليل اليمين ، وإن كان إنهاء الخصومة ، ولا ملازمة بين إنهائها ، وزوال منشئها ، لكن بقاء العقد ، لغو عرفي بعد نفوذ اليمين ، وهذا اللغو باعتبار لغويته ، يراه العقلاء كأنّه المجمل ، إذ ما فائدة بقاء عقد لا يترتب عليه الأثر خارجا ، كيف وقد أشرنا سابقا إلى انّ الفقهاء أفتوا بأنّ الشخص لو عثر على ماله المحروم منه باليمين ، لا يجوز له أخذه ، إذن ، فأيّ أثر في إبقاء العقد في عالم الجعل.
وهذا الوجه يمكن مناقشته ، وذلك بمنع اللغوية ، حيث أنّه من جملة الثمرات لبقاء العقد هو ، أنّه لو تاب المعاند من المدّعيّين ، وأقرّ بكذب يمينه ، فحينئذ يجب عليه أن يرتب آثار العقد ، لأنّ اليمين إنّما ينفذ مفعولها إذا لم يقرّ صاحبها بكذبها ولكن إذا أقرّ بالحق يكون إقراره حاكما على اليمين.
٣ ـ الوجه الثالث : هو انّ هذا التحالف يكون إتلافا للمال قبل قبضه ، كما هو الحال في محل الكلام ، حيث أنّ البائع أنكر أن يكون باع المشتري قلما وحلف على إنكاره ، وبذلك يكون قد فوّت القلم على مشتريه ، وهذا التفويت بحكم تلف القلم قبل قبضه ، وقد حكم الفقهاء بأنّ كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه ، ومحل الكلام : بحكم التلف ، لأنّ التحالف إتلافا للمال على من انتقل إليه قبل قبضه ، فيتعدّى بالمناسبات العرفية من التلف بعنوانه ، إلى محل الكلام.
أمّا إذا كان الدليل على الانفساخ لفظيا ، فلا بدّ حينئذ من التعدّي بالمناسبات العرفية ، من مورد الرّواية إلى محل الكلام.