وأمّا إذا لم يكن لفظيا ، بل كان عبارة عن الارتكازات العقلائية الممضاة شرعا ، فإنّه حينئذ يقال : بسعة هذه الارتكازات والتعدّي بها أيضا إلى غير البيع من سائر المعاوضات ، لأنّ روح المعاوضة عقلائيا هو التسليم والتسلّم ، فإذا تعذّر ذلك ، انفسخت المعاملة.
وهذا الوجه مفيد ولو في الجملة ، فمن يقتصر في حكم تلف المبيع قبل قبضه على مورد النصّ ، وهو البيع في خصوص المبيع ، فيكون هذا الوجه مفيدا له في خصوص مورد النصّ ، وأمّا لو كان التحالف داخلا في باب الصلح ، فلا يتمّ هذا الوجه بالنسبة للتحالف ، لأنّه لا يكون من مورد النصّ.
نعم لو كان التعدّي من مورد التلف إلى ما نحن فيه ، ولم يكن مستندا ـ بالنسبة لحكم التلف قبل القبض ـ إلى دليل لفظي ـ الرّواية ـ بل كان مستندا إلى المرتكزات العرفية العقلائية القائلة : بأنّ روح المعاوضة عبارة عن التسليم والتسلّم لا مجرد الإنشاء ، فإذا تلف قبل التسليم تبطل روح المعاوضة ، حينئذ ، بناء على ذلك يمكن التعدّي من مورد البيع إلى الصلح ، ومن مورد المبيع ـ المثمن ـ إلى الثمن ، وحينئذ ، يكون شاملا لمحل الكلام.
والحاصل هو ، أنّه في كل مورد تمّ فيه الوجه الثالث ، حينئذ يثبت الانفساخ بالتحالف ، وفي كل مورد لم يتم فيه الوجه الثالث ، إمّا لعدم تمامية الدليل ، وإمّا لعدم إمكان التعدّي ، فحينئذ ننتهي إلى السؤال الثاني ، وهو أنّه هل هناك نكتة أو سبب آخر غير نفس التحالف يقتضي انفساخ العقد أم لا؟
والجواب على ذلك هو ، انّ هناك سبب آخر يقتضيه ، وذلك لأنّ كل متعاوضين ، المحقّ منهما له خيار الفسخ بلا إشكال ، لأنّ كل متعاوضين إذا تصدّى أحدهما لدفع وتسليم ما بيده ممّا وقعت عليه