معقول إلّا في موارد التزاحم الناشئ من موارد الاشتباه بين الأغراض كما عرفت ، وهو غير ممكن في موارد العلم التفصيلي ، لأنّه لا اشتباه بنظر العالم في موارد العلم التفصيلي.
ثمّ انّه حتّى يتمّ الكلام لا بدّ من التعرّض لمدرسة الميرزا «قده» ، ومدرسة الآخوند «قده» (١) ، حيث ذكرت المدرسة الأولى في مقام الاستدلال على عدم إمكان جريان الأصول في تمام أطراف المعلوم بالإجمال ، بأنّ جريانها في تمام الأطراف يلزم منه الترخيص في المخالفة القطعية ، وهي معصية بحكم العقل ، وهي ممتنعة لقبحها.
وهذا الكلام من الميرزا «قده» يستبطن دعوى ، وهي انّ حكم العقل بحرمة المخالفة القطعية حكم تنجيزي مطلق وغير معلّق على عدم ورود ترخيص بالمخالفة من قبل الشارع ، وإلّا فلو كان معلّقا ـ بحيث يرتفع موضوعه بمجيء الترخيص الشرعي ـ لما حكم العقل بالحرمة مع ورود الترخيص ، لارتفاع موضوع حكمه حينئذ ، بمعنى أنّه لا يكون الترخيص حينئذ ترخيصا في القبيح ، بل يكون رفعا لموضوع القبيح ، وعليه : فدعواه المذكورة تستبطن دعوى كون حكم العقل بالحرمة في المقام مطلقا وغير معلّق ، إذن فالميرزا «قده» يحكم بحرمة المخالفة القطعية وقبحها حق لو أذن المولى بذلك ، بمعنى أنّه لا يمكن للمولى ذلك فكأنّه حق على المولى ، لا له ، من قبيل عدم إمكان حكمه وتكليفه بغير المقدور.
ومن هنا كانت روح كلام الميرزا «قده» دعوى انّ حكم العقل بحرمة المخالفة القطعية دعوى مطلقة ، وغير معلّقة على عدم ورود الترخيص الشرعي على الخلاف.
إذن فدعوى الميرزا «قده» هي انّ العقل بحكم بالمنجزية حكما
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٤٤.