الترخيص بحرمة المخالفة القطعية ينافي حكم العقل بحرمة المخالفة القطعية ، لأنّ حكم العقل بهذا يكون مشروطا بأن لا يعمل المولى مولويته ، وقد عرفت بطلان ذلك.
كما انّه يظهر من مجموع كلماتنا ، الفرق بين العلم الإجمالي ، والعلم التفصيلي ، إذ لو رخّص في التفصيلي لكان أمرا غير معقول ، لأنّه لا خلط ولا اشتباه في العلم التفصيلي ، بخلاف العلم الإجمالي.
وأمّا مدرسة صاحب الكفاية «قده» (١) فقد ذكرت : انّ التكليف الواقعي سواء كان مشكوكا ، أو معلوما بالإجمال ، بل حتّى لو كان معلوما بالتفصيل وإن لم يصرّح هو بذلك ، فهذا التكليف إذا كان فعليا من سائر الجهات ، فيستحيل جعل حكم ترخيصي على خلافه حتّى في الشبهة البدوية ، فضلا عن العلم الإجمالي ، لأنّ الحكمين الفعليّين متضادان باعتبار تضاد الأحكام الفعلية ، فجعل حكم على خلافه يلزم منه في الشّبهات البدوية احتمال اجتماع الضدين ، ويلزم منه في موارد العلم الإجمالي القطع باجتماع الضدين وكلاهما مستحيل ، وأمّا إذا لم يكن التكليف الواقعي فعليا من سائر الجهات ، فحينئذ ، لا مانع من جعل حكم ترخيصي على خلافه حتّى في موارد العلم الإجمالي فضلا عن مورد الشبهة البدوية ، لأنّ التكليف الواقعي يكون إنشائيا ، ولا مانع من اجتماعه مع حكم فعلي آخر على خلافه ، حيث أنّه لا تضاد بين الأحكام الفعلية والأحكام الإنشائية ، وسوف نتعرّض في بحث الجمع بين الأحكام الواقعية والظاهرية لمبنى صاحب الكفاية «قده» في مراتب الحكم الأربعة ، كما سنتعرّض لكل تصوراته مفصلا.
ولكن نقول هنا على نحو الإجمال : إنّ كلام صاحب الكفاية غير
__________________
(١) كفاية الأصول : الخراساني ، ج ٢ ، ص ٢٧٤.