فيها : «إنّ التنجز يختلف عن العلم ، وانّ التنجز من شئون الواقع الخارجي».
وهذا الكلام غير تام ، بل التنجز من شئون الوجود العلمي للحكم ، لا من شئون الوجود الخارجي ، وذلك لأنّ التنجز عبارة عن حكم العقل باستحقاق العقاب على المخالفة ، وتمام موضوع حكم العقل للاستحقاق هو هذا الوجود العلمي للحكم ، سواء أكان مصادفا أو لا ، بينما الحكم على وجوده الواقعي ليس موضوعا للتنجز ولا جزء الموضوع لذلك وعلى هذا ترتب استحقاق عقاب المتجري ، وحينئذ ، إذا لم يسر الوجود العلمي من الجامع إلى الفرد يصحّ أن نقول : انّ التنجز لا يسري من الجامع إلى الفرد ، لأنّ المتنجز يضع قدمه في المكان الّذي يضع العلم قدمه فيه ، وحيث أنّ العلم وضع قدمه على الحكم فكذلك التنجز.
والحاصل هو انّ ما ذكر في النقطة الأولى ، من أنّ التنجز من شئون الواقع الخارجي للحكم ، غير صحيح ، بل هو من شئون الوجود العلمي له ، لأنّ التنجز عبارة عن حكم العقل باستحقاق العقاب ، وموضوع حكم العقل بذلك هو الوجود العلمي للحكم ، سواء أكان مطابقا للواقع أو مخالفا له ، ومن هنا قلنا باستحقاق المتجري للعقاب ، وحينئذ ، فإذا لم يسر الوجود العلمي من الجامع إلى الفرد ، فكذلك التنجز لا يسري ، لأنّه منصبّ عليه ومن شئونه كما عرفت.
٢ ـ الملاحظة الثانية : هي أنّه لو تنزّلنا وفرضنا انّ التنجز يعرض على الواقع الخارجي للحكم ، لكن لا مطلقا ، بل يشرط العلم به ، بناء على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، حينئذ لا بدّ من تعدّي التنجز بمقدار العلم ، وقد بيّنا أنّ العلم حتّى لو فرض تعلّقه بصورة إجمالية ، فإنّ هذه الصورة وإن كانت مطابقة مع الواقع ، بمعنى كونها مشيرة إليه ، لكن ليست مطابقة معه ، بمعنى كونها كاشفة عن حدّه الشخصي ، فإن