أردتم من كون مطابقة الصورة الإجمالية للواقع ، إنّها مشيرة إليه ، فهذا صحيح ، لكن المشير كما تكون للمعلوم ، تكون أيضا للمجهول ، لأنّ المشيرية ليست علما ، وإن أردتم بالتطابق للواقع ، كون الحدّ الشخصي منكشفا بهذه الصورة ، فهذا خلاف الوجدان والبرهان ، لأنّه ليس بمنكشف فيها ، إذن لا يمكن سراية التنجز إلى الحدّ الشخصي.
وإن شئت قلت : انّه لو تنزلنا وفرضنا أنّ التنجز من شئون الواقع الخارجي ويعرض عليه بشرط العلم به ، حينئذ لا بدّ من تقرير التنجز بمقدار العلم ، ولمّا كانت الصورة الإجمالية مطابقة للواقع بمعنى كونها مشيرة له ، لا بمعنى كونها كاشفة عن حدّه الشخصي ، فحينئذ لا يمكن سريان التنجز إلى الحدّ الشخصي ، لعدم كشف الصورة الإجمالية عنه ، فلا يكون متعلّقا للعلم الإجمالي ليتنجز به.
٢ ـ البيان الثاني : المستفاد من كلمات العراقي «قده» (١) ، هو أنّ العلم الإجمالي وإن تعلّق بالجامع ، إلّا أنّه تعلّق فرغ عن انطباقه وتخصّصه ، لا بجامع لم ينطبق ولم يتخصّص كما في موارد الوجوب التخيري حينما يتعلّق الوجوب بالجامع ، فالوجوب تعلّق بجامع لم يفرغ عن تخصيصه ، ومن هنا لا يتنجز سوى الجامع ولا تتنجز الخصوصية ، بينما هنا ، العلم تعلّق بجامع فرغ عن تخصيصه في المرتبة السابقة فيكون منجزا للخصوصية.
وإن شئت قلت : انّ العلم الإجمالي وإن تعلّق بالجامع ، إلّا أنّه تعلّق بجامع فرغ تخصّصه ، وحينئذ يكون العلم الإجمالي منجزا للخصوصية أيضا ، وهذا بخلاف الجامع في مورد تعلّق الوجوب التخيري به حيث لم يفرغ عن تخصّصه ، ومن هنا لا يتنجز غير الجامع.
__________________
(١) المصدر السابق.