وهذا البيان غير تام لأنّه إن أراد بالجامع في مرحلة تعلّق العلم به وأنّه مفروغ عن تخصيصه ، إن أراد واقع الخصوصية ، وما هو بالحمل الشائع خصوصية ، فهذا غير موجود في مرحلة تعلّق العلم به ، لأنّ الخصوصية بالحمل الشائع غير معلومة ، وإن أراد بها مفهوم الخصوصية أي الخصوصية بالحمل الأولي ، والعلم بجامع الخصوصية ، فهو بنفسه جامع ، والعلم به لا يوجب أكثر من تنجز هذا الحدّ الجامعي دون أن يسري التنجز منه إلى ما لا بيان له.
والحاصل انّ هذا خلط بين الخصوصية بالحمل الأولي الذاتي ، وبينها بالحمل الشائع ، فإنّ المفروغ عنه وهو الخصوصية بالحمل الأولي هو الجامع حقيقة ، وما يراد تنجيزه هو الخصوصية بالحمل الشائع.
والحقيقة هي انّ ما ذهب إليه هؤلاء الأعلام في بياناتهم كلها نشأت من ضيق الخناق ، لأنّ هؤلاء الأصحاب ألزموا أنفسهم بما لا ملزم به ، وهو الجمود على قاعدة «قبح العقاب بلا بيان» وحينئذ وقع التزاحم بين الإشكالات الواردة على تقريباتهم وبين هذه القاعدة وكأنّها برهان عقلي ، فوقعوا في حيرة بين هذه القاعدة وبين وجدانهم ، حيث أنّ الوجدان العرفي لا يحتمل أنّ العبد إذا علم إجمالا انّ المولى أوجب إمّا الظهر ، وإمّا الجمعة ، أن يقول : انّ هذا العلم لا يقتضي منّي أكثر من الإتيان بكلا الفردين ، فهذا غير محتمل ، بل الوجدان العرفي قاض بأنّ وجوب الموافقة القطعية من الواضحات ، ومن أنّه مؤمّن عقلائيا إذا اقتصر على أحد الفردين ، ويقطع النظر عن باقي المؤمّنات ، ولو أنّهم رفعوا أيديهم ابتداء عن قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، أو في الجملة لما وقعوا في ذلك ، فيقال بقبح العقاب بلا بيان في بعض الموارد ، وذلك كما لو كان الوجوب الواقعي مصداقا لجامع تمّ البيان على جامعيته ، إذ حينئذ يرتفع الإشكال عنهم برفع اليد عن هذه القاعدة إمّا كلية كما