نعم هناك مجال لهذا البحث بناء على المسلك الأولى القائل بالتأثير ، وبناء على المسلك الثالث القائل بالتأثير بالجملة وفي بعض الموارد ، إذ في هذين المسلكين يمكن أن يبحث في أنّ تأثير العلم الإجمالي ، هل هو بنحو العليّة ، أو الاقتضاء.
وقد اختار المحقّق العراقي «قد» (١) انّ تأثير العلم الإجمالي في وجوب الموافقة القطعية هو بنحو العليّة ، واختار الميرزا «قده» (٢) على ما في فوائد الأصول أنّه على نحو الاقتضاء ، وإن كان لا موضوع للبحث عده في الاقتضاء أو العليّة كما في أجود التقريرات (٣) ، وعباراتهم في المقام لا تخلو من تشويش ، ولعلّه لعدم اتضاح العليّة والاقتضاء بنحو حدّي ، ومن هنا نرى بعض عبارات الفوائد تميل إلى الاقتضاء ، وبعضها يميل إلى العليّة ، ولذا ترى كلا من العراقي والميرزا «قدهما» نسب مختاره إلى الشّيخ الأعظم «قده» ، بينما عبائر الشيخ الأعظم في الرّسائل مشوشة إذ بعضها يميل إلى هذا ، وبعضها الآخر يميل إلى ذاك ، وعلى أيّ حال ، فالمسألة ، على الإجمال فيها اتجاهان ، الأول ، يقول بعليّة العلم الإجمالي ، والثاني ، يقول باقتضائه ، وقد حاول كل من الاتجاهين أن يثبت مدّعاه حلا تارة ، ونقضا أخرى.
أمّا الموقف الحلّي للميرزا «قده» (٤) الممثل لموقف الاقتضاء ، فقد ذكر في فوائد الأصول : انّ العلم الإجمالي ليس علّة لوجوب الموافقة القطعية ، وإن كان علّة لحرمة المخالفة القطعية ، وذلك لأنّ الترخيص في المخالفة القطعية لم يكن معقولا لأنّه ترخيص في المعصية وهو قبيح ،
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) فوائد الأصول : الكاظمي ، ج ٣ ، ص ٧٧ ـ ٧٩. وج ٤ ، ص ٢٥ ـ ٣٦.