وأمّا الترخيص في المخالفة الاحتمالية فهو ليس ترخيصا في المعصية ، فيعقل ورود الترخيص على أحد الطرفين ، وهذا معناه انّ تأثير العلم الإجمالي في وجوب الموافقة القطعية هو على نحو الاقتضاء وليس على نحو العليّة.
وهذا الكلام من الميرزا «قده» ، انّ حملناه على محمل الجد والاستدلال فلا محصل له ، لأنّه لا معنى لتعليل كون العلم الإجمالي هناك علّة لحرمة المخالفة القطعية بأنّ الترخيص فيها يكون ترخيصا في المعصية ، وعدم كونه علّة لوجوب الموافقة القطعية ، لأنّ الترخيص بأحد الأطراف هنا لا يكون ترخيصا في المعصية.
وذلك لأنّ المقصود من المعصية هو ما حكم العقل بكونه منافيا لحقّ المولى ، إذ حكم العقل بالمنافاة لحقّ المولى وعدمها هو فرع إثبات العليّة أو الاقتضاء في المقام الّذي هو محل النزاع ، لأنّه هو الّذي ينقح لنا حكم العقل وحدود حكمه من ناحية الإطلاق والتعليق.
ولأجل هذا ينبغي أن يحمل هذا الكلام من الميرزا «قده» على أنّه مجرد منبّه وجداني ، لأنّه لا يعقل تعليل عدم العليّة بما يتوقف على عدم العليّة ، ولهذا لا يكون هذا الكلام صياغة لبرهان ، وإنّما يرجع هذا البيان الحلّي إلى دعوى وجدانية ، على كون العلم الإجمالي ليس علّة تامة لوجوب الموافقة القطعية.
وأمّا الموقف الحلّي للمحقّق العراقي «قده» (١) القائل بالعليّة ، فإنّه قال في مقام البرهنة ، بأنّنا لا نحتاج إلى مزيد برهان إضافة إلى ما تقدّم على إثبات العليّة ، لأنّنا جميعا متفقون على أنّ العلم الإجمالي ينجز شيئا «ما» على نحو العليّة ، لكنّنا مختلفون في أنّ ما ينجزه ما هو؟ فهل
__________________
(١) مقالات الأصول : العراقي ، ج ٢ ، ص ١٢.