العلم التفصيلي لا يمنع عن جريان البراءة المرخّصة في المخالفة الاحتمالية ، مع أنّه لا يلتزم أحد بإجراء البراءة في موارد العلم التفصيلي فيما إذا كانت المخالفة الاحتمالية واردة ، وذلك كما لو فرض أنّه وجبت عليه صلاة الظهر ، وعلم المكلّف بذلك الوجوب تفصيلا ، ثمّ شكّ في امتثاله وأنّه أتى بها أم لا ، ففي مثله ، يرجع الشكّ إلى الشكّ في بقاء الوجوب وسقوطه ، وحينئذ ، بناء على القول بالاقتضاء لا مانع من جريان البراءة عن الوجوب ، مع أنّه لا يلزم منه مخالفة قطعية للعلم التفصيلي ، وإنّما يلزم منه المخالفة الاحتمالية لاحتمال أن يكون قد أتى وامتثل هذا الوجوب ، مع أنّه لا إشكال عندهم في انّ المقام من موارد أصالة الاشتغال ، باعتبار أنّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، مع أنّه لو بنيّ على عدم عليّة العلم التفصيلي لوجوب الموافقة القطعية وجواز الترخيص في المخالفة الاحتمالية لتعين إجراء البراءة ، وتكون حينئذ حاكمة على أصالة الاشتغال.
وقد يقال في الجواب عن هذا النقض ، انّ عدم جريان البراءة في المقام ليس باعتبار انّ المقام ليس من مواردها ، بل باعتبار انّها محكومة لاستصحاب حكمي ، وهو استصحاب بقاء الوجوب السابق ، فإنّ هذا المكلّف بعد أن يشكّ في الامتثال ، يشكّ في بقاء الوجوب السابق ، وحينئذ ، يستصحبه ، أو أنّها محكومة لاستصحاب موضوعي ، وهو استصحاب عدم الامتثال ، فإن عدم الامتثال هنا استصحاب موضوعي ، إذن فالبراءة هنا لا تجري باعتبار الأصل الحاكم.
وهذا البيان لا يكفي لدفع هذا النقض وذلك لوضوح أنّه لا يوجد أحد يلتزم بأنّ البراءة تجري لو لا الاستصحاب ، فإنّ غاية ما يفيده هذا البيان أنّ البراءة لا تجري لوجود أصل حاكم عليها ، مع أنّه من المسلّم به انّ هذا المورد في نفسه ليس مورد للبراءة ، بل هو مورد لأصالة