الاشتغال ، ولهذا لا يشكّ في جريان أصالة الاشتغال بالاتفاق حتّى عند من ينكر حجيّة الاستصحاب كما عرفت ، وعليه : فيبقى هذا النقض واردا على كلّ حال.
والصحيح أن يقال في دفع هذا النقض : إنّ أصالة البراءة لا تجري هنا لقصور في دليلها ، وذلك لأنّ البراءة موضوعها الشكّ في التكليف ، وهنا لا شكّ في التكليف لا حدوثا ولا بقاء ، أمّا حدوثا فواضح لأنّنا نعلم بوجوب الظهر عند الزوال.
وأمّا بقاء : فلأنّه لا شكّ في بقاء الوجوب ، وإنّما الشكّ في محركيته.
وتوضيحه هو : انّ توهم كون الوجوب مشكوك البقاء مبني على تخيّل انّ الوجوب يسقط بالامتثال ، أو العصيان ، مع انّ هذا غير صحيح كما بيّناه في بحث الترتب من أنّ الامتثال والعصيان ليسا من مسقطات الوجوب بمبادئه وإنّما مسقطية الامتثال أو العصيان للوجوب بمبادئه لا يكون إلّا بأن يؤخذ عدم الامتثال وعدم العصيان في موضوع الوجوب كي يسقط بأحدهما ، مع أنّه لم يؤخذ في موضوع الوجوب ، لا عدم الامتثال ، ولا عدم العصيان ، وإنّما الامتثال يسقط فاعلية الوجوب ، لا نفس الوجوب ، إذن ، ففي حالة عدم الامتثال ، الوجوب باق ، وإنّما تسقط محركيته ، لأنّها تكون تحصيلا للحاصل حينئذ ، والوجدان يشهد بذلك ، ويتضح ذلك بقياس الإرادة التشريعيّة ، بالإرادة التكوينيّة ، فإنّ الإرادة التشريعيّة بمعنى الحب والّذي هو روح الوجوب ، على وزان الإرادة التكوينيّة بهذا المعنى ومن الواضح أنّ وقوع المحبوب خارجا لا يخرجه عن كونه محبوبا ومرغوبا ، غايته أنّ الحب يفقد محركيته وفاعليته في حال وجود المحبوب ، لأنّ محركيته حينئذ تكون تحصيلا للحاصل ، ووزان عالم الوجوب ، وزان مبادئه ، إذ الوجوب بحسب الدقة لا يسقط