المعلوم متعينا ، فغير المعلوم غير متعين أيضا لأنّ مصبّ الحجّة هو غير المعلوم فإذا لم يكن المعلوم متعينا ثبوتا فغير المعلوم غير متعين كذلك ، وبهذا يثبت انّ مصبّ الحجيّة غير متعين ثبوتا لأنّ مصبّها هو عنوان غير المعلوم كما عرفت.
ومن هنا ينشأ إشكال في كفاية الامتثال الإجمالي التعبّدي في هذه الصورة الثالثة ، حيث أنّه قد يقال : بأنّ الامتثال الإجمالي هنا غير متعقل ، وذلك لأنّ هذا المكلّف إذا توضأ بالماءين مكرّرا لا يحصل له علم بأنّه توضأ بالماء الّذي هو مجرى الاستصحاب ، لما عرفت من انّ مجراه هو عنوان غير المعلوم ، وهذا العنوان غير متعين.
وهذا الإشكال سيّال في كلّ الموارد الّتي نريد أن نجري فيها أصلا بعنوان إجمالي ، وهو عنوان غير المعلوم مع فرض انّ المعلوم لا تعيّن له في الواقع إلّا من ناحية عنوان أحدهما.
وهذا الإشكال يتخلّص عنه بعدّة تخلّصات نقتصر الآن على ذكر واحد منها.
وحاصل هذا التخلّص هو أن يقال : بأنّه نجري الاستصحاب في كل من الطرفين بعنوانه التفصيلي لا الإجمالي الّذي بني عليه الإشكال عند ما كان يستصحب إطلاق عنوان إجمالي غير متعيّن في الخارج وإنّما نجريه في كل من الطرفين بعنوانه التفصيلي ، لكن نرفع اليد عن إطلاق الاستصحاب بمقدار يرتفع معه محذور المخالفة العملية ، وذلك بأن نستصحب إطلاق كل منهما مقيدا بأن يكون الطرف الآخر هو المضاف ، وهكذا نصنع مع الطرف الآخر.
وتوضيحه هو انّ إطلاق دليل الأصل يجري سواء كان ذلك الطرف مضافا أو مطلقا ، ونفس الإطلاق موجود في الطرف الآخر ، هذا بالنسبة