فالخطأ بنحو التوسيع في الكبرى ، كما لو فرض أنّ إنسانا كان يتخيّل انّ الجار يكون له من المرتبة على حدّ ما للمنعم بحيث أنّه تقبح مخالفته ، فإذا اعتقد بهذا أو أدركه ، فهل يقبح منه حقيقة مخالفته أو لا؟.
والصحيح أنّه يقبح منه مخالفته ، فإنّ موضوع القبح هو ما يراه الفاعل انّه ممّا لا ينبغي ، ولهذا لو أقدم هذا الإنسان على مخالفة هذا الجار لصحّ ذمّه وتوبيخه ، إذ ما دام أنّه يراه قبيحا فكيف يقدم على مخالفته.
وهذا القبح ليس توسعة في دائرة من دوائر القبح الأولي ، بل هو قبح طولي ثانوي ، لأنّه أخذ في موضوعه إدراك قبح أولي ، لأنّ هذا القبح مرجعه إلى أنّ من يدرك إنّ شيئا «ما» قبيحا ثمّ يقدم عليه فهو منه قبيح ، إذن ، فهو قبح طولي ثانوي أخذ في موضوعه إدراك قبح أولي ، سواء كان إدراك القبح الأولي الّذي أخذ في موضوع هذا القبح الثانوي إدراكا مطابقا للواقع ، أو مخالفا للواقع ، فهذا بنفسه قبح ثانوي ، ولازم ذلك هو انّ هذا الإنسان الّذي أدرك وهما قبح مخالفة الجار ، لو ارتكب مخالفة الجار فيكون قد صدر منه القبح الثانوي ، لأنّ القبح هو ، ارتكاب ما تخيّله قبيحا ، وإلّا فنفس مخالفة الجار بما هي لا قبح فيها ، وإنّما كان ذلك قبحا لما تخيّله أنّه قبيح.
وأمّا إذا فرض انّ إنسانا أدرك قبح مخالفة المنعم ، وكان هذا الإدراك مطابقا للواقع ، ومع هذا خالفه ، فهنا يوجد قبيحان ، لأنّه ارتكب القبح الأولي ، والقبح الثانوي ، لأنّه ارتكب مخالفة المنعم بما هو منعم ، وهو قبيح أولي ، وارتكب ما يراه قبيحا ، وبه يكون قد ارتكب قبيحا ثانيا ثانويا ، ففي الأول ، القبح الطولي موجود ، وفي الثاني ، الأولي والطولي موجود ، إذن فهذان فرضان.