وقد يكون الخطأ بنحو التضييق بلحاظ الصغرى ، وذلك ، كمن يتخيّل انّ المولى غير منعم عليه ، ولا يدري بأنّه منعم عليه ، وحينئذ يخالفه ، فهذا خطأ في تشخيص الصغرى.
وحينئذ يقال : بأنّ هذا الإنسان المخطئ ، هل أنّ القضية الأولى فعلية في حقّه كما في الكبرى ، أو أنّها غير فعلية في حقّه؟.
وهنا قد يقال : بأنّ القضية الأولى غير فعليّة في حقّه أصلا ، وذلك لأنّ الأولى مشروطة بالعلم بصغراها ولا دور.
وجوابه هو ، إنّ العقل يحكم بقبح مخالفة المنعم ، لكن لا بوجوده الواقعي ، بل يحكم بقبح مخالفة المنعم الّذي يعلم بكونه منعما ، ولا دور كما هو واضح ، لأنّ القبح أمر واقعي تكويني يترتب على مخالفة من يعلم بكونه مولى منعما ، وهذا لا يشمل المنعم المجهول ، فلو خالف عمرو زيدا المنعم عليه واقعا ، لأنّه يعتقد بأنّه غير منعم عليه ، فهنا لم يصدر من عمرو قبيح ، ولم يرتكب ظلما أصلا ، أي لم يصدر منه ما لا ينبغي ، ولهذا لو فرض أنّ عمروا كان معصوما أخلاقيا ، فمع هذا يصدر منه هذا العمل ، وهذا برهان على انّ هذا العمل ليس بقبيح ، وإلّا لما صدر منه هذا العمل ، إذن ، فيفرق الحال بين الخطأ في تشخيص الكبرى ، والخطأ في تشخيص الصغرى.
فالخطأ في تشخيص الكبرى لا يحول دون فعليّة القضية الأولى في حقّه.
وأمّا الخطأ في تشخيص الصغرى ، فيحول دون فعليّة القضية الأولى فضلا عن الثانية في حقّه.
وأمّا الخطأ بنحو التوسيع بحيث انّ ما لا يكون مصداقا ، يراه مصداقا ، وهذا الخطأ تارة يكون بنحو التوسيع في الكبرى ، وأخرى يكون بنحو التوسيع في الصغرى.