دائرة القبح ، لأنّهما لم يرتكبا إلّا قبيحا واحدا ، لأنّ هذا القبح في حالة الاشتباه ليس طوليا ليجتمع قبحان في المعصية ، بل كان ذلك للتوسعة كما عرفت.
وبهذه الفذلكات ظهر أنّ صاحب التصور الثالث إذا قبل وجدان من يقول بأنّ المتجري والعاصي كلاهما ارتكبا قبيحا بدرجة واحدة ، فحينئذ يتعين عليه أن يرفع يده عن التصور الثالث ، وذلك لأنّ هذا الشخص كان يقول في التصور الثالث إنّ حق الطاعة موضوعه مركب من جزءين ، هما ، وجود التكليف وإحرازه ، فالمتجري بناء على هذا لم يسلب المولى حقّه ، لأنّ أحد جزئي الموضوع غير موجود ، لكن هو يرى بأنّ هذا ظلما ، والوجدان قاض بأنّ الإتيان بما يراه ظلما قبيح أيضا ، ومن هنا ألزمنا صاحب التصور الثالث بقبح التجري ، لكن الآن نقول : إنّ صاحب التصور الثالث إذا سلّم بوجداننا ، فإنّه لا بدّ له من رفع اليد عن هذا التصور الثالث ، وذلك لأنّ قبح الإقدام على ما يراه الإنسان ظلما للمنعم ، تارة ، يفرض قبحا ثانيا غير قبح مخالفة المنعم ، وأخرى يفرض غيره.
وبتعبير آخر : تارة يفرض انّ قبح المخالفة هو ما يكون حقيقة مخالفة وقبحا ، وأخرى يفرض انّ قبح المخالفة هو ما يعتقد هو أنّه قبيح وإن لم يكن واقعا قبيح.
فإن ادّعى أنّ القبح هو ما يعتقد أنّه قبيح ، إذن يلزم أن يكون العاصي أشدّ من المتجري لأنّه ارتكب قبيحين ، بينما المتجري ارتكب قبحا واحدا ، وهذا خلاف الوجدان المفترض.
وإن افترض توسعة في دائرة القبح من أول الأمر ، بمعنى أنّ هناك قبحا واحدا يشمل العاصي والمتجري فهذا لا يكون إلّا بالتصور الثاني.
وأمّا ما ذكرناه من كيفيّة رفع الإشكال بناء على التصور الثالث ،