بالنسبة الى ما وعد من نعيم الجنة يوجب التحريض على العمل والترغيب في الخيرات والحسنات ، كما أنّ الإخبار عن عقابه وعذابه يوجب الردع والزجر عن المنهيات والمحرمات.
فتحصل من جميع ذلك أنّ قاعدة التسامح في أدلّة السنن مما لا أساس لها لا من النقل ولا من العقل ، وظهر مما ذكرنا أنّ المناسب أنّ يبحث عن مفاد أخبار من بلغ في علم الكلام لا الأُصول ولا الفقه.
***
الدليل الرابع : حسن الاحتياط الثابت بالسنّة والإجماع والعقل :
ما ذكره جماعة تبعاً للوحيد البهبهاني (قدسسره) من حسن الاحتياط الثابت بالسنّة والاجماع والعقل.
وأورد عليه شيخنا الأنصاري (قدسسره) بما حاصله : أنّ الاقدام على إتيان الفعل احتياطاً إنّما يحسنه العقل إذا كان الداعي إليه احتمال المحبوبية وقصد المكلّف إحراز محبوبات المولى إخلاصاً أو رجاء للثواب ، ولا كلام لأحد في ذلك فإنّه مما يستقل به العقل ضرورة ، إنّما الكلام في استحباب نفس الفعل المذكور على حد سائر المستحبات حتى يكون الداعي للمكلّف على فعله هو هذا الأمر القطعي الذي ثبت من أدلّة التسامح» (١).
أقول : ما أفاده (قدسسره) متين جداً وحاصله : أنّه فرق واضح بين إتيان الفعل المشكوك استحبابه بعنوان الاحتياط رجاء وبين إتيانه بما أنّه مستحب كسائر المستحبات ، والأوّل مما لا كلام فيه ولكن المطلوب للقائل بالتسامح هو الثاني.
***
__________________
(١) مجموعة رسائل : ١٢ ، من منشورات مكتبة المفيد.