إمكان الاحتياط في العبادات المشكوكة وعدمه :
إذا بلغ الكلام هنا فلا بأس بصرف الكلام إلى إمكان الاحتياط في العبادات المشكوكة وعدم إمكانه لشدة ارتباطه بالمقام.
فاعلم أنّه قد يدور الأمر بين وجوب عمل واستحبابه ، كالدعاء عند رؤية الهلال ، ولا إشكال حينئذ في حسن الاحتياط شرعاً لمثل قوله (عليهالسلام) : «أخوك دينك فاحتط لدينك» وعقلاً لأنّه يوجب الإتيان بالواقع ، ولا ريب أنّه حسن ومطلوب عند العقل المدرك لحسن الأشياء وقبحها ، كما لا إشكال في ذلك عند دوران الأمر بين الحرمة وغير الكراهة إذا كان الترك عبادياً فيما إذا فرض عبادية ترك المرجوح ، كما لا ريب في استحقاق الثواب في هاتين الصورتين ، بناءً على أنّ مطلق وجود الأمر المعلوم في البين كاف في تحقق القربة وإمكان الاحتياط.
والحاصل : أنّ الاحتياط حسن فيما إذا أحرز أصل الرجحان والمحبوبية وهو محرز في هذين الموردين (١). ومن هنا لا ينبغي الريب في حسن الاحتياط في الواجبات التوصلية فانّ المقصود فيها تحقق ذات العمل الراجح عند الشارع.
وإنّما الإشكال في جريان الاحتياط وحسنه في العبادات عند دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب من حيث إنّ العبادة لا بد فيها من نية القربة وهي تتوقف على العلم بأمر الشارع تفصيلاً أو إجمالا كدوران الأمر بين وجوب الظهر والجمعة في يومها وكالصلوات الأربع عند اشتباه القبلة ، مع أنّه لا علم به في المقام فلا يمكن الاحتياط.
وببيان أوضح أنّه يعتبر في تحقق العبادة إتيانها متقرباً إلى الله تعالى على وجه الجزم واليقين وهو لا يحصل إلّا بالجزم بأنّ العمل الفلاني عبادة.
__________________
(١) ولا مجال للإشكال في ذلك من ناحية قصد الوجه لأنّه غير معتبر أوّلاً كما حقّق في محلّه ، ولو سلّمناه فهو مختص بصورة الإمكان وعند تعذّره لعدم العلم بالوجوب والاستحباب فلا يعتبر قطعا ثانياً.