القول بدلالتها على التسامح في أدلّة السنن ، فإنّ الظاهر من هذا العنوان هو حجية الأخبار الضعاف في السنن ، مع إمكان أن يقال : إنّ التعبير عن المسألة في كلماتهم باستحباب كل فعل دل على استحبابه خبر ضعيف ، عبارة أُخرى عن حجية الخبر الضعيف في المستحبات ، كما يصح مثل هذا التعبير في حجية الخبر المعتبر أيضاً بأن يقال : إنّ الكلام في حكم كل فعل دل الخبر المعتبر عليه.
وبالجملة : عنوان المسألة في كلمات كثيرهم ، بل في معقد الشهرة والإجماعات المنقولة بقولهم : يتسامح في أدلّة السنن بما لا يتسامح في غيرها ، يناسب جعل المسألة أُصولية كما لا يخفى.
والصحيح في الجواب أن يقال :
إنّ هذه الأخبار إمّا متواترة معنى ، وإمّا محفوفة بالقرائن كتحقق الاتفاق على مضمونها وكثرة نقلها ، وعن البحار أنّه من المشهورات رواه العامة والخاصة بأسانيد (١) ، وفي عدة الداعي ـ بعد نقل الروايات المذكورة ـ ، قال : فصار هذا المعنى مجمعاً عليه بين الفريقين مضافاً إلى إمكان الذهاب إلى جواز العمل بالآحاد في المسائل الأُصولية وإنّما الممنوع هو العمل بها في الأُصول الاعتقادية المطلوب فيها العلم والمعرفة.
***
الإشكال الثاني :
لا يمكن الذهاب إلى القول بالتسامح في أدلّة السنن إلّا على القول بأنّ أخبار من بلغ مخصّصة لما دل على اعتبار شرائط الحجية في الخبر كالوثاقة والعدالة ، مع أنّ النسبة بينهما هو العموم من وجه حيث إنّ ما دل على اعتبار الشرائط يعم الخبر الدال على الوجوب والاستحباب ، واخبار من بلغ وإن كانت
__________________
(١) بحار الأنوار : ٢ / ٢٥٦.