مختصة بالخبر القائم على الاستحباب إلّا أنّه أعم من أن يكون واجداً للشرائط أو فاقداً لها ، ففي الخبر القائم على الاستحباب الفاقد للشرائط ، يقع التعارض ، فكيف تقدم أخبار من بلغ على ما دل على اعتبار الشرائط في الخبر؟
وقد التزم شيخنا الأنصاري (قدسسره) للتفصّي عن هذا الإشكال باختصاص ما دل على اعتبار الشرائط بالواجبات والمحرّمات ، قال (قدسسره) ما لفظه :
«إنّ دليل طرح خبر الفاسق إن كان هو الإجماع ، فهو في المقام غير ثابت وإن كان آية النبأ ، فهي مختصة بشهادة تعليلها بالوجوب والتحريم فلا بد في التعدي عنهما من دليل مفقود في المقام» (١).
ولكن الانصاف أنّ ما أفاده (قدسسره) لا يخلو عن النظر ، فانّ ما دل على اعتبار الشرائط في أخبار الآحاد ، لا ينحصر في الاجماع وآية النبأ ، لأنّ الدليل العمدة أو الوحيد على ذلك ، هو السيرة العقلائية وهي تعم الواجبات والمستحبات.
ثمّ إنّ المحقق النائيني (قدسسره) أجاب عن الإشكال بوجه آخر حاصله : أنّه لا بد من تقديم هذه الأخبار ورفع اليد عن دليل الاشتراط في مواردها وإن كانت النسبة بينهما هو العموم من وجه ، أمّا ما كان من أدلّة الاشتراط من قبيل قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) ، أو غيره المفيد لاشتراط العدالة مطلقاً ، فوجه تقديمها عليه واضح فإنّ هذه الأخبار أخص من تلك الأدلّة فيقدم عليها بالأظهرية.
وأمّا ما كان منها دالّا على اشتراط شرط مخصوص في خصوص مواردها وهي الأحكام غير الإلزامية حتى تكون النسبة بينهما التباين ، فلأنّ هذه الأخبار معمول بها عند المشهور ، فلا محالة يكون ما هو المعارض لها على تقدير وجوده معرضاً عنه عندهم فيسقط عن قابلية المعارضة لها.
__________________
(١) مجموعة رسائل : ٢٤ ، من منشورات مكتبة المفيد.