لا تقديم أحدهما على الآخر حتى تكون أخبار من بلغ دالة على استحباب التقديم.
هذا مضافاً إلى أنّ التعارض لا يتحقّق في المقام لعدم التنافي بين مضمون الروايتين الضعيفتين أصلاً ، فانّ مضمون أحدهما مثلاً اعطاء عشرة حسنات لمن أتى بهذا ، ومضمون الأُخرى اعطاء عشرين حسنة لمن أتى بذاك ، فأين التعارض؟
وأمّا «الفضائل» في كلام الشهيد (قدسسره) فالظاهر أنّ المراد منها هو المستحبات والسنن بقرينة ما جعل في مقابلها من أحكام الحلال والحرام وحينئذ فلا يستفاد من كلامه أكثر ممّا يستفاد من تعبير المشهور وهو قولهم :
«يتسامح في أدلّة السنن بما لا يتسامح في غيرها».
التنبيه الخامس عشر :
إلى هنا كنّا نبحث حول التسامح في أدلّة المستحبات من حيث الشبهات الحكمية وهاهنا بحث آخر لا يخلو من الفائدة وهو إنّه هل يجوز التسامح في الرواية غير المعتبرة الدالة على تشخيص مصداق المستحب أو فتوى الفقيه بذلك؟
مثلاً لا شبهة في استحباب زيارة قبور الأنبياء والأئمة (عليهمالسلام) فإذا ذكر بعض الأصحاب أنّ هوداً أو صالحا (عليهماالسلام) مدفون في المكان الفلاني ، فهل يحكم باستحباب إتيان ذلك المكان لزيارته أم لا؟ وكذا لو وردت رواية بدفن رأس مولانا سيد الشهداء (عليهالسلام) عند مرقد أمير المؤمنين (عليهالسلام) فهل يستحب زيارته بالخصوص أم لا؟
الظاهر هو الأوّل لعموم أخبار من بلغ وشمولها للشبهات الموضوعية أيضاً إذ يصدق عنوان بلوغ الثواب فيما إذا دلّت رواية ضعيفة على أنّ هذا المكان هو المكان الفلاني الذي علم أنّه يستحب فيه العمل الفلاني ، كصدقه فيما إذا دلت على استحباب العمل الفلاني في هذا المكان.
وإنّ أبيت عن ذلك وقلت : إن الأخبار ظاهرة في الشبهات الحكمية ، أعني :