الأمر عمّا تعلّق به ويبعث إلى غير ما تعلّق به ، والمفروض أنّ ما وقع تحت دائرة الطلب ليس إلّا ذات العمل ونفس العمل فشرطية أمر آخر يحتاج إلى دليل.
وأمّا الثاني : فالدليل الوحيد هو الإجماع على أنّه يشترط في العبادات الإتيان بالعمل لله تعالى ، وأمّا العلم بأنّه عبادة والجزم في النية ، فليس مصباً للاجماع. والحاصل : أنّ ما دل عليه ضرورة الفقه والمسلمين ، أنّه يشترط أن يأتي المكلّف بأعماله ، لوجه الله وهو حاصل عند إتيانه بعنوان الاحتياط ، ضرورة أن داعي المحتاط في أعماله كلها هو طلب مرضاة الله» (١).
أقول : ما أفاده (قدسسره) متين لا غبار عليه ، وقد تقدم في رد مقالة المحقّق الخراساني (قدسسره) ما يكون مؤيّداً لكلامه الشريف.
نظريّة المحقق النّائيني (قدسسره) ونقدها :
قال المحقق النائيني (قدسسره) ـ على ما في تقريرات بعض الأجلّة من تلامذته ـ :
«إنّ للامتثال مراتب أربع : أحدها : الامتثال العلمي التفصيلي ، ثانيها : الامتثال العلمي الإجمالي ، ثالثها : الامتثال الظني ، رابعها : الامتثال الاحتمالي.
وهذه المراتب الأربع مترتبة عند العقل حسب ترتبها في الذكر ، بمعنى أنّه لا تحسن المرتبة اللاحقة إلّا عند تعذر المرتبة السابقة. وعلى كل حال ، بعد تعذر المراتب الثلاث من الامتثال التفصيلي والإجمالي والظني تصل النوبة إلى الامتثال الاحتمالي ، والعقل يستقل بحسنه ، ويكون ذلك امتثالاً للأمر الواقعي على تقدير وجوده ، ولا يتوقف حقيقة الامتثال على قصد الأمر التفصيلي وإلّا كان اللازم عدم حصول الامتثال في موارد العلم الإجمالي» (٢).
__________________
(١) تهذيب الأُصول : ٢ / ٢٩٠ و ١٩٢.
(٢) فوائد الاصول : ٣ / ٤٠٠ ، طبعة جماعة المدرسين.