تحقيق حول التّشريع
لا بأس بصرف الكلام إلى التحقيق في معنى التشريع ، لأهميته وكثرة الابتلاء به أوّلاً ، ولتوقف حل الإشكال هذا عليه ثانياً ، فنقول :
تجد في غير واحد من كلمات الأُصوليين وعبائر الفقهاء عناوين ثلاثة : البدعة ، والتشريع ، والقول بغير العلم ، وكل منها يمتاز عن الآخر لغة واصطلاحاً ، فالبدعة في اللغة : اسم هيئة من الابتداع كالرفعة من الارتفاع ، قال في لسان العرب :
«بدع الشيء يبدعه بدعاً وابتدعه : أنشأه وبدأه وبدع الركيّة : استنبطها وأحدثها ، البدعة الحدث وما ابتدع من الدين بعد الاكمال» (١).
وفي تاج العروس : المبتدع الذي يأتي أمراً على شبه لم يكن ابتدأه إيّاه ، قال الله جلّ شأنه : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، أي مبتدعها ومبدؤها لا على مثال سبق ، قال أبو الحسن : يعني أنشأها على غير حذاء ولا مثال ، والبدعة بالكسر ، الحدث في الدين بعد الاكمال ، ومنه الحديث : إيّاكم ومحدثات الأُمور فانّ كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. أو هي ما استحدث بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأهواء والأعمال» (٢).
وأمّا في الاصطلاح ، فهو عبارة عن كل شيء أُحدث على غير مثال سابق
__________________
(١) لسان العرب : ٨ / ٦.
(٢) تاج العروس : ٥ / ٢٧٠.