مستحب ، وأمّا أخبار من بلغ فيثبت استحباب الفعل لا بما هو بل بما هو ممّا بلغ فيه الثواب وبلوغ الثواب لا تخلّف له ، فهي على فرض اثبات الحجية تثبت الحجية على وجه الموضوعية لا على وجه الطريقيّة كدليل حجية الخبر الصحيح المفيدة للحجيّة على وجه الطريقية ، فتنزيل أدلّة حجية الخبر الصحيح على فرض التنزيل منزلة القطع يراد منه التنزيل منزلة القطع الطريقي دون الموضوعي» (١).
وأنت خبير بأنّ هذا الايراد إنّما يتوجه على القول بأنّ مفاد الأخبار استحباب الفعل بعنوانه الثانوي ، أعني : عنوان بلوغ الثواب فيه ، لا على القول بأنّ مفادها استحباب الفعل بعنوانه الأوّلي بأنّ يكون موضوع الحكم هو العمل بعنوانه المأخوذ في الأخبار الضعاف من صلاة أو صيام أو غسل أو ما أشبه ذلك ، وقد عرفت تفصيل الأقوال في مفادها فراجع.
التنبيه العاشر :
إذا وردت رواية ضعيفة بالاستحباب وأُخرى بعدمه فلا إشكال في التسامح ، وذلك للأولوية القطعية بالنسبة إلى ما عرفت في التنبيه السابق ولأنّ الخبر الضعيف ليس حجة في عدم الاستحباب فوجوده كعدمه ، فالمورد مشمول لاخبار من بلغ بلا معارض.
وإن شئت قلت : الرواية الدالّة على الاستحباب وإن كانت ضعيفة وفي حكم العدم في نفسها كالرواية الدالّة على عدم الاستحباب ، إلّا أنّها قطعية بملاحظة دلالة أخبار من بلغ على اعتبارها.
ومنه يعلم أنّه إذا كان الدال على عدم الاستحباب أخص مورداً من الدال على الاستحباب ، لا يحمل المطلق حينئذ على المقيّد ولا العام على الخاص وذلك لوضوح أنّ المقيد أو الخاص هاهنا في حكم العدم.
__________________
(١) لاحظ نهاية الدراية : ٢ / ٢٢٧.