وقال الاستاذ سعيد الخوري الشرتوني في مقدمة أقرب الموارد : المقصد الثاني : « في تساهل اللغويين في التعريف الدوري وفي تصور تعريف النبات والحيوان » : اعلم أنّ الدور في التعريف هو أن يعرّف الشيء بشيء ثمّ يعرّف هو أيضا بالذي عرّن به ، وهو لا يفيد الإيضاح المقصود من التعريف ، ولهذا كان معيبا عند المناطقة ، مثال ذلك قول القاموس : تنجّح الحاجة واستنجحها : تنجزها ، ثمّ قوله : تنجز الحاجة واستنجزها : استنجحها ، فقد فسّر تنجّح بـ « تنجّز » ثمّ فسّر تنجّز بـ « استنجح » فبقي المعنى محجوبا لا يستخرج الا بعد تدبّر أكثر ما في المادّتين ، وهذا مجرّد تساهل ، وإلاّ لما كان يعجز المجد أو غيره أن يقول تنجّح الحاجة : سأل قضاءها أو طلب الفوز بها (١) ..
وفي هذا المجال تظهر عناية السيّد المصنّف الفائقة بالافهام والتفهيم باسلس عبارة وأوضحها ، واجلى تعريف وأظهره ، فهو لم يقف عند حدّ التخلص من التعريف بالدور ، والتعريف بالمساوي أو الأخفى.
بل حرص على أن يخلّص القارئ من الإحالات ؛ فإذا كانت اللفظة مفسّرة بلفظة غير مفهومة لكنها مذكورة في مادة أخرى ، فسّرها في مكانها وفكّ أسرها وازال غموضها ، وفيما سنعرضه من نماذج أكبر دليل على ما نقوله من هذه الميزة الواضحة للطراز على سائر المعاجم.
* ففي مادة « حمأ » قال الفيروزآبادي في القاموس : ورجل حمئ العين كخجل :
__________________
(١) مقدمة أقرب الموارد ١ : ٩. وهنا نرى السيّد المصنف لا يفوته ذلك فقد قال في مادة « نجح » : وتنجّح حاجته واستنجحها : تنجزها. ثمّ قال في مادة « نجز » واستنجز حاجته وتنجّزها : طلب قضاءها.