بتصويره بصورة ما هو علم في القبح ؛ اذ كان إدبارا بعد الإقبال مع ما فيه من الاشارة إلى ان الكفر حالة قد نبذت ظهريّا. ومثله : ( لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ ). وهذا التفسير مأخوذ من تفسير أبي السعود (١).
هذا ، والحقّ هو ان السيّد المصنف أكثر من الأخذ من الزمخشري في كشافه ، والطبرسي في مجمع بيانه ، والاعتماد عليهما ، وإن أخذ عن غيرهما الكثير أيضا ، وأضاف هو من بنيّات أفكاره وأبكارها ، ما استقاه من تفاسير آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقد اعتنى السيّد المصنف أيضا في خلال فصله لـ « الكتاب » بأراء أهل التأويل والباطن ، فذكر شيئا لا يستهان به من آرائهم وتفسيراتهم.
* ففي مادة « برأ » صرّح بالأخذ عن الغزالي ، وذلك في تفسير قوله تعالى : ( هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ ). قال : قال الغزالي :
قد يظنّ أنّ هذه الثلاثة مترادفة. راجعة إلى الخلق والاختراع ، والأولى أن يقال : ما يخرج من العدم إلى الوجود يحتاج اوّلا إلى التقدير ، وثانيا إلى الايجاد على وفق التقدير ، وثالثا إلى التصوير والتزيين ، كالبناء ، يقدّره المهندس ، ثمّ يبنيه الباني ، ثمّ يزيّنه النقاش ، فالله سبحانه خالق من حيث أنّه مقدّر ، وبارئ من حيث إنه موجد ، ومصوّر من حيث إنه يرتب صور المخترعات أحسن ترتيب ويزيّنها أكمل تزيين.
* وقال في مادة « فأد » في شرح قوله تعالى : ( الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ) تعلوها وتشتمل عليها ، وتخصيصها بالذكر لما انّ الفؤاد الطف شيء في البدن واشدّه تألّما بأدنى اذى يمسّه ، فكيف إذا علته نار جهنم وغشيته ؛ لأنّه محل الكفر والعقائد الفاسدة والنيّات الخبيثة ، فهو اشدّ تعذيبا من سائر الجسد.
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٣ : ١٤٩.